مال واعمال: اسطول العربات في تونس يضم ما لا يقل عن 2.2 مليون عربة اي بمعدل 187 عربة لكل ألف نسمة.
تونس الان
في إطار نشاط اكاديمية الجامعة التونسية لمديري الصحف وفي إطار توجهها الرامي الى فسح المجال لكبار الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والتقنيين الى تقديم محاضرات ضمن منظومة الكراسي التي وضعتها استضافت الاكاديمية ضمن كرسي الاقتصاد رئيس الغرفة النقابية لتجار ومصنعي السيارات السيد ابراهيم دباش الذي القى محاضرة حول واقع سوق السيارات في تونس حاضرا ومستقبلا.
فقطاع السيارات خصوصا وعربات النقل عموما يعتبر الشريان الرئيسي للاقتصاد بتطوره يتطور الاقتصاد وبتعطله يتعطل الاقتصاد. ويضم اسطول العربات في تونس ما لا يقل عن 2.2 مليون عربة اي بمعدل 187 عربة لكل ألف نسمة وهي نسبة في حين تجده يناهز الـ500 في دول أخرى.
صناعة مكونات السيارات
اعتبر السيد إبراهيم دباش في محاضرته ان صناعة مكونات السيارات قطاع حيوي للاقتصاد الوطني من حيث حجم معاملاته ومن حيث خلق فرص العمل. كما أنه أساسي للمستقبل لأنه يشهد تغيرات كبيرة اعتبرها المحاضر إيجابية.
ومن هذا المنطلق، فهي تمثل فرصة حقيقية لمصلحة بلادنا لتكون لها قيمة مضافة، مع العلم أن البلاد بصدد تغيير صورتها في الخارج من بلد مصنّع ذي “التكلفة المنخفضة” إلى بلد مصنّع ذي”التكلفة الأفضل” في صناعة مكونات السيارات. وهذا هو الشعار الذي يشتغلون عليه اليوم من خلال تسليط الضوء على “الابتكار وإمكانات تونس في مجال البحث والتطوير”.
يقول دباش انهم اجروا في عام 2018 دراسة مع شركة EY لتوضيح أهمية قطاع السيارات الذي يؤثر على جميع القطاعات الأخرى تقريبًا. واتضح ان على كل سيارة يتم بيعها يذهب نصف المبلغ إلى خزينة الدولة، علماً أن شركات توريد السيارات تخضع للضريبة القصوى على الشركات أي 35% وبالتالي فهي مساهم كبير في الاقتصاد الوطني.
واعتبر دباش ان الاعتقاد وهو اعتقاد خاطئ يتمثل في ان قطاع السيارات يخضع للضريبة باعتباره مستهلكًا للعملة الصعبة وانه يركز على بيع السيارات الفاخرة على الرغم من أن الأخيرة تمثل 2 أو 3٪ فقط من السوق. علاوة على ذلك، لا تمثل الواردات من هذا القطاع سوى 1.5 إلى 2% من الواردات العامة للدولة.
صناعة مكونات السيارات والتوزيع
اشار المحاضرالى ترابط حلقتي إنتاج مكونات السيارات والتوزيع نظرا لفرض قرار نظام التعاون الصناعي عند الرغبة في توريد السيارات، والذي على مدى عقود (من 1990 إلى 2011)، أتاح لتونس فرصة بعث ركيزة حقيقية وهي الصناعة الميكانيكية والكهربائية. وقد شجعت الدولة العلامات التجارية التي ترغب في استيراد عربات جديدة بوجوب تصنيع مكونات السيارات في تونس. وقد مكنّ هذا النهج من تكثيف دخول العملات الأجنبية، وخلق فرص العمل، واكتساب المعرفة التي تمكنت تونس من تطويرها بشكل أكبر مع مرور الوقت. ومن بين نقاط القوة الرئيسية لهذا القطاع أن الصناعات الموجودة في تونس تدار في معظمها من قبل مسيرين تونسيين.
وحول ما يوفره السوق من عربات يقول المحاضران تونس تضم 37 وكيلامعتمدا لتوريد السيارات يمثلون أكثر من 60 علامة تجارية، واعتبر دباش ان هذا العدد قد لا يتوفر في بعض الأسواق الأوروبية الناضجة، لكننا اليوم أمام مفارقة اذ ومع هذا العدد الكبير من العلامات التجارية، كان ينبغي أن يكون للمواطن خيار واسع ولكن في الواقع، عندما يذهب إلى الوكيل، يدرك إما أن السيارة غير متوفرة أو أن السعر لا يتوافق مع ميزانيته. فالواقع، يكشف ان تونس انفتحت فيما يتعلق بعدد الوكلاء والعلامات التجارية الممثلة ولكننا حافظت على نظام الحصص الذي قسّد التوريد.
استيراد العربات وسلامة المواطن
ووفق رئيس الغرفة ورجوعا لنفس الدراسة التي أجريت عام 2018، فإن 50% من أسطول المركبات كان عمره 10 سنوات فما فوق. وفي عام 2025، زادت الأمور سوءًا واصبح نصف الاسطول يزيد عمره عن 15 عامًا. وهذا له عواقب على البيئة كارتفاع استهلاك الوقود، خاصة وأن العربات القديمة تستهلك كميات كبيرة من قطع الغيار. ولهذا السبب، أصبحنا مستوردين هامين لقطع الغيار المستعملة. وهذا يمثل خطرا كبيرا على سلامة مستخدمي الطريق. كما يرجع ارتفاع عدد حوادث الطريق المسجلة كل عام جزئيًا إلى المركبات القديمة. ولذلك، فمن الضروري تجديد أسطول السيارات من أجل الحد من هذه المخاطر المرتبطة بالبيئة والاستهلاك العالي للطاقة.
ولدى الدولة اليوم مصلحة في إسناد توريد السيارات إلى فاعلين محترفين يستثمرون، ويخلقون مواطن الشغل، ويضمنون صيانة العربات، ويدفعون الضرائب، ويساهمون في تعزيزموقع تونس كموقع لإنتاج مكونات السيارات بقيمة صادرات تصل إلى 4.3 مليار أورو في عام 2024..وهناك رغبة في مضاعفة حجمه.
بالإضافة إلى ذلك، فان المحاضر يرى انه من الضروري إضفاء الطابع الاحترافي على سوق السيارات المستعملة التي وان دخلوها فانهم لا يقدرون على المنافسة فيها لانهم يطبقون المواصفات التجارية ويدفع القيمة المضافة على عكس البائعين غير المنظمين الذين لا يقدمون أي ضمان للمشترين ولا يدفعون الـ”تي في أي”. وبالتالي، فإن إضفاء الطابع المهني على السوق سيجعل من الممكن بيع سيارات مستعملة أكثر أمانًا مع ضمان حقوق المفتنين الذين يتم اليوم التلاعب بعدد الكيلومترات التي تقطعها السيارة لإيهامهم انها جديدة.
السيارة الشعبية
تعتبر السيارة الشعبية او العائليةاحد مطالب الطبقة المتوسطة لكن هذه الطبقة لا تقدر على اقتنائها لعدم توفرها بالقدر الكافي، وحول هذا يقول رئيس غرفة وكلاء ومصنعي السيارات انهذه السيارة تحكمها القيود الفنية اي يجب أن تكون أقل من 1.2 لتر وقوتها الجبائية 4 حصان، وهناك فئتان من هذه السيارة فئةسيارات صغيرة جدًا وسيارات أكبر حجمًا تعتبر سيارات مدينة. ومع ذلك فإن المستهلك يطلب الفئة الثانية، وهذا ما قالهللسلطات.
فالسيارة المشهورة لدى التونسيين هي السيارة التي تسمح للعائلة بالتنقلالجماعي في سائر الايام وفي الرحلات والإجازات. فالتونسيون لا يريدون سيارة ذات مقعدين، بل يحتاجون إلى سيارة حقيقية ذات صندوق لحمل الأمتعة. لذلك أبلغت الغرفة وزارة الإشراف أنه بإمكانها إحداث شريحتين: الأولى تتعلق بالسيارات الصغيرة جدا وحُددسقف الأسعار لها بـ 35 ألف دينار فيما تشمل الثانية سيارات أكبروالتي اعتاد عليها المواطن منذ التسعينات مع الحفاظ على المتطلبات التقنية المحددة بـ 4 حصانجبائي و 1.2 لتر. بالنسبة لهذه الفئة الثانية، سيكون من الضروري تحديد سقف السعر عند 40 الفد كحد أدنى لأن نفس السيارة تباع خارج النظام الخاص بالسيارات الشعبية بأكثر من 50 الف د. وسيكون بذلك المستهلك دائمًا هو المستفيد وهو يعلم جيدًا أن سيارته ستحتفظ بنفس قيمتها الى اليوم الذي يقرر فيه بيعها.
اليوم، السيارة في ظل ما يسمى بالنظام الامتياز الجبائي تلبي احتياجات غالبية السكان. والغرفة نقدر الطلب التراكمي عليها الذي بلغ 100.000 مواطن في الانتظارلمدة قد تبلغ حوالي 10 سنوات نظرًا لأنه يتم بيع 10 الافسيارة شعبية سنويًا.
حاجة السوق الحقيقية
وفق المحاضر فانه على اعتبار ان الطلب على سيارات التجارية في السوق يتراوح من 15 إلى 20 ألف عربة سنويا فان الحاجة الحقيقية لاستيراد السيارات الجديدة إلى تونس تقدر بـ 80 ألف وحدة سنويا بما في ذلك السيارات الشعبية مقابل 50 الف وحدة تسمح بها الدولة.
وهذا الرقم يتضح من خلال عمليات تسجيل العربات المستوردة بموجب نظام FCR. وهو يمثل حوالي 30% من إجمالي ما يتوفر بالسوق. فبعد فترة من التراجع عقب قرار فرض عدم قابلية نقل الملكية لمدة عام على العربات المستوردة بموجب نظام FCR، ارتفع عدد العربات المعاد تسجيلها بعد إلغاء هذا القرار. من ذلك قمنا باستيراد 14.900 عربة مُعاد تسجيلها في عام 2022، و15.000 في عام 2023 و20الف في عام 2024. ويعتقد أنه سيتجاوز 25.000 عربة مُعاد تسجيلها هذا العام، مع العلم أن عمر العربات المستعملة المستوردة يزيد في الغالب عن 4 سنوات.
ووفق دباش فانه لفهم هذه الظاهرة، لا بد من البحث عن أسس المشكل الذي يرتبط في المقام الأول بالقدرة الشرائية ونقص السيارات في السوق.
واعتبر رئيس الغرفة ان التجميع المحلي للسيارات كان تجربة غير ناجحةاذ أغلقت عديد المصانع أبوابها بسبب الأنظمة المعمول بها والتي تفرض ضريبة بنسبة 30% على الأجزاء المستوردة، بالإضافة إلى تسديد رسوم الاستهلاك عندما تبيع الشركة السيارة. وهذا يعني أن التجميع في SKD أو CKD يكون دائمًا أكثر تكلفة من استيراد سيارة مصنعة في بلدها الأصلي. وهذا أمر عقابي لأن هناك مصانع استثمرت وخلقت فرص عمل لتتخلى عن مشاريعها.
المقترحات
ختاما لهذه المحاضرة انتهى المحاضر بعد النقاش المستفيض مع الحاضرين الى تقديم جملة من المقترحات تلخص فيما يلي:
– بحكم الحصص السنوية الممنوحة فان الوكلاء ومعهم المواطنون ليس لديهم رؤية خلال العام الجاري لحصصهم في حين على المستوردين من آسيا تقديم طلبهم قبل 6 أشهر. إضافة لذلك فان فتح خطابات الاعتماد في الخارج من تونس أصبح أكثر تعقيدًا وتكلفة، لذلك فإن التأخير أصبح أطول فأطول. ولهذا السبب، توجهت الغرفة لوزارة التجارة لمدها بالرؤية على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وهذا من شأنه أن يسمح للوكلاء بتحديد خطط متوسطة المدى مع المصنّعينوأن يكوا في وضع قوي عند التفاوض معهم.
– مطالبة بمراجعة برنامج الاستيراد السنويليصل إلى 60 ألف وحدة كحد أدنى. ستسمح هذه الزيادة للوكلاء بتزويد السوق بطريقة أكثر مرونة وتقديم العربات بأسعار أكثر تنافسية.
– عندما نتحدث عن السيارات الشعبية، فالمطلوب رفع السقف إلى 40 ألف دينار نظرا لقلة توفر العرض في السوق اليوم، وبالتالي الضغط علما ان البعض يروج الى أن السيارة الشعبية تهم الوكلاء بشكل أقل نظرا لهامش الربح المحدود، وهو أمر غير صحيح نظرا لأن السيارة الأولى غالبا ما تتيح ولاء العملاء، خاصة وأن نشاط الوكيل لا يقتصر على المبيعات بل يشمل أيضا خدمة ما بعد البيع وبيع قطع الغيار.
– وجوب تشجيع التحول نحو السيارات الهجينة والكهربائية. وعلى الرغم من أن الأسعار لا تزال مرتفعة، إلا أن هناك رغبة من جانب الشركات المصنعة الأوروبية أو الآسيوية في إنتاج سيارات بسعر معقول. والواقع أن الأسعار ستنخفض بسرعة، وربما ابتداء من هذا العام.والخبر السار هو أن هناك رغبة لدى التونسيين للتوجه نحو هذه التقنيات الجديدة نظرا لأنه تم بيع أكثر من 5 آلاف سيارة هجينة خلال العام الماضي. وهذا يعني أن المواطن يريد أن يدفع أقل مقابل الوقود ويتحول إلى مركبات أكثر حداثة مع التكنولوجيا الجديدة.
– من الضروري أيضًا أن نأخذ في الاعتبار أنرغبة الدولة في توفير 5000 سيارة كهربائية ستكون هناك حاجة إلى 500 محطة شحن. فتونس ليست دولة كبيرة وهذا سيجعل المهمة أسهل على السلطات. وسيكون تركيب محطات الشحن على الطرق الرئيسية ومراكز التسوق كافياً لطمأنة الكثير من الناس.
– من الضروري أيضًا التفكير في المهنيين مثل سيارات الأجرة وسيارات الأجرة الجماعية من خلال تبديل اسطولهم بيارات كهربائية مع تقديم حلول لهم بأسعار مدروسة وتوفير أنظمة شحن مناسبة لأنهم دائمًا يقفون في نفس الأماكن. والامر نفسه ينطبق على تأجير السيارات.