تونس الآن على هامش الأزمة السياسية التي بدأت تفتّت ما […]
تونس الآن
على هامش الأزمة السياسية التي بدأت تفتّت ما نجحت الأزمة الصحّية في تأليفه وجمعه، تبدو مؤشرات التعايش في صلب الائتلاف الحكومي وخارجه غير مبشرة وغير مطمئنة، خصوصا في ظلّ واقع اقتصاديّ واجتماعي متردّ، في تونس وفي العالم عموما.
كيف تكون مهمّة تصحيح كلّ هذه المسارات المترابطة ممكنة؟ ومن يقدر على تلطيف الأجواء المشحونة؟ ومن سيدفع الثمن إن لم يتوفّق التونسيون إلى تجاوز هذا المنعرج الخطير؟
سنة 2020 هي سنة محنة حقيقية في بلادنا، ومنذ الأيّام الأولى لم تكن علامات الاستقرار مبشرة، وهذا ما عكسته الحملات الانتخابية أولا، ثمّ عمّقته الانشقاقات حول تشكيل الحكومة.
ومع بوادر انتشار الوباء العالمي، سكنت وتيرة التصادم السياسي، وساد صمت رهيب خلال الحجر الصحّي الذي جرّ خلفه صمتا سياسيا وموت سريريّ لكلّ نشاط اقتصاديّ جعل الحكومة تحوّل وجهة الميزانية إلى الأولويات الجديدة.
ومع تراجع الوباء وانفراج الوضع، انفجرت الأوضاع من جديد، ببذرة شقاق أولى بين الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة في صلب البرلمان، تلتها ازمة ثانية وثالثة من خلال عرض لائحتين على جلستين عامتين برلمانيتين، وظهور خط نار جديد خارج البرلمان سماه أصحابه الاعتصام الثالث وحاول دعاة الجمهورية الثالثة أخذ موقع حول النار المتأججة، وكأنّ فوق النار عشاء يطبخ.
اليوم، كلّ الأبواب نصف مغلقة في وجه الحلول على قلّتها، والحكومة تريد إعلان انطلاق مرحلة استعادة الثقة مع الشعب، رغم التصدّع الحاصل في الائتلاف من حيث تباين وجهات النظر بين الأطراف المكوّنة للائتلاف نفسه، بين داع إلى توسيع الجزام السياسيّ للحكومة (مع نيّة مبيّتة لمعاقبة بعض الشركاء في الائتلاف على مواقفهم في البرلمان)، وبين مصرّ على المشاركة في الحكومة ومعارضتها في البرلمان بنفس الحدّة والإصرار، تبدو حظوظ الالتفات إلى مشاغل المواطن وملفاته الحارقة غير ذات أولوية.
من يملك المفتاح؟ رئيس الدولة؟
بعض الأحزاب تعتبره أبا للحكومة القائمة وراع لها، وبعضها الآخر يرى أن يكتفي الرئيس بمسائله الخارجية (أو ما تبقى منها بعد ذلك النشاط الدبلوماسي البرلماني المثير للجدل). لكنّ المواطن وقف لساعات أمام مكاتب الاقتراع واختار من يخدمه لا من يستخدمه… هل من حلّ في مثل هذه المتاهات؟ هل للرئيس دور حقّا لتقريب وجهات النظر؟ وماذا لو لم يأخذ الفرقاء بتحكيمه؟ أين رباعي الحوار الذي تقاعد بعد نوبل للسلام؟
ناجي العباسي