استنكرت الجمعية التونسية للقضاة الشبان، في بيان أصدرته أمس الثلاثاء […]
استنكرت الجمعية التونسية للقضاة الشبان، في بيان أصدرته أمس الثلاثاء عقب اجتماع هيئتها المديرة، بتنصيب المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وعدم الالتفات إلى اعتراض القضاة والهيئات والمنظمات الوطنية والدولية والأحزاب وقوى المجتمع المدني، داعية أعضاء المجلس المنصبين إلى تدارك الأمر وتقديم استقالتهم قبل فوات الأوان.
واعتبرت أن إعداد النظام الداخلي للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وإعداد جدول الكفاءة للترقية بين الرتب، “تشكل أول الأعمال المادية المكونة لجريمة المشاركة في قلب هيئة النظام القضائي الدستوري للدولة دون استفتاء، وتدليس إرادة الشعب والعبث بمكتسباته الدستورية والتشريعية”.
وأدانت سعي السلطة التنفيذية إلى تغيير المشهد القضائي، وتعيين مسؤولين قضائيين جدد على المحاكم والمؤسسات القضائية، تحت عنوان سد الشغورات وفتح باب الترقيات، معتبرة أن غاية السلطة التنفيذية المبيّتة “هي ضرب كل نفس استقلالي داخل كل محكمة، وتعيين قضاة موالين يكونون أداة لضرب الحريات وتنفيذ التعليمات”.
وفيما يلي النص الكامل لبيان الجمعية التونسية للقضاة الشبان:
“إن الهيئة المديرة للجمعية التونسية للقضاة الشبان المجتمعة اليوم بمقرها بقصر العدالة بتونس – وعلى إثر تنصيب المجلس المؤقت للقضاء وعدم الالتفات إلى الاعتراض المُسلّط عليه من القضاة والهيئات والمنظمات الوطنية والدولية والأحزاب وقوى المجتمع المدني، وانفراد رئيس الجمهورية بجميع السلط في اعتداء صارخ على الدستور و طمس لكل قيم الديمقراطية التي تأسست عليها الجمهورية التونسية وسعي وزيرة العدل إلى توجيه القضاة وفرض توجهاتها السياسية عليهم عبر سَيل من المناشير تتعلق بمسائل قضائية خارجة عن اختصاصها تحت أنظار ما يسمى بالمجلس المؤقت للقضاء الذي استهلّ ميتا وكأن تكوينه كان مجرد مرحلة لإلغاء المجلس كسلطة دستورية فعلية وفاعلة – يهمها أن تتوجه للرأي العام والقضاة بما يلي :
1- تستنكر وضع مصير القضاء بين يدي فئة من المتقاعدين عن العمل القضائي الذين لم تعد لهم أية صفة رسمية ، وبعض الإداريين المعينين بالصفة الذين لا يمارسون أي نشاط قضائي أو إداري مستقل عن السلطة التنفيذيةً ، في مقابل استبعاد قضاة الرتبتين الأولى والثانية رغم أهمية عددهم ودورهم القضائي ، و تعمّد التقليص من عدد أعضاء المجلس الذي كانت تركيبته تعكس مختلف مكونات السلطة القضائية ليصبح مجرد هيئة قليلة العدد ؛ وذلك بغرض إضعافه وجعله مجرد هيئة رمزية ، صورية ، محدودة الصلاحيات تعمل تحت إشراف السلطة السياسية وتأتمر بأوامرها.
2- تعتبر أن إعداد النظام الداخلي للمجلس المؤقت للقضاء، وإعداد جدول الكفاءة للترقية بين الرتب تشكل أول الأعمال المادية المكونة لجريمة المشاركة في قلب هيئة النظام القضائي الدستوري للدولة دون استفتاء وتدليس إرادة الشعب والعبث بمكتسباته الدستورية والتشريعية، وتدعو أعضاء المجلس المنصبين إلى تدارك الأمر وتقديم استقالتهم قبل فوات الأوان.
3- تذكر بأن الاستيلاء على القضاء المستقل ووضعه تحت سيطرة السلطة التنفيذية وإخضاعه لمختلف ضروب الضغط والإكراه بعد ترذيله وتشويهه للإيهام بفساده ؛ لا يمكن – بأي حال- أن يكون خطة عملٍ أو برنامجا ثوريا مستقبليا لبناء دولة ، بل هو ضرب مقصود للديمقراطية وتفكيك للدولة دون بناءٍ ، وعودة بالشعب التونسي إلى الوراء عبر حرمانه من حقه في سلطة قضائية قوية ومهابة ، وتنبه الشعب التونسي إلى أنه تم التغرير به عبر التجني على القضاء ومجلسه المنتخب ونعته بأبشع النعوت تحت شعار الإصلاح والتغيير وواقع الأمر أن كل ذلك كان مجرد خطة لتغيير النظام وإضعاف القضاء بغرض استعماله وتوظيفه لحل المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة ؛ وهو ما كشفته المراسيم اللاحقة التي جعلت للقضاء دورا صوريا في مسائل قضائية صرفة ،وأرست لجنة موازية للصلح الجزائي يعين أعضاءها رئيس الجمهورية ويعفيهم متى أراد رغم الرأي الرافض الذي أبداه المجلس الأعلى للقضاء الشرعي.
4- تجدد التعبير عن تمسكها بحوار وطني شامل يجمع كافة مكونات المجتمع المدني والسياسي يكون هدفه الأساسي إنهاء حالة الاستثناء والهيئات الوقتية المنبثقة عنها ، والرجوع إلى الوضع العادي و الدستوري للدولة خصوصا وقد ثبت فشل الاستشارة الالكترونية بما يقطع بتمسك الشعب التونسي بمكتسباته الدستورية المتمثلة أساسا في سلطة قضائية مستقلة وتمسكه بمنظومة حقوق الانسان المكرسة في الدستور كتمسكه بالنظام المختار من المجلس التأسيسي ، وتنبه إلى خطورة التعسف على إرادة الشعب ومحاولة البناء على الاستشارة الفاشلة واعتماد نتائجها رغم ضعف المشاركة الشعبية فيها.
5-تذكر القضاة بأن القاضي الذي لا يتحلّى بالشجاعة في التصدي لانتهاك الحقوق والحريات والاستهتار بأحكام الدستور والقوانين الرائجة ويكتفي بالتجاهل والصمت خضوعا لما يسمى بواجب التحفظ الزائف أو انسياقا وراء الإغراءات والترقيات لا يستحق أن يرتدي عباءة القضاء ، ولا يمكن ائتمانه على حقوق المتقاضين لأن سند القضاء الحقيقي وعمود ارتكازه وحصن استقراره وشموخه هو القاضي الشجاع الحامي للحقوق والحريات ، وتذكر كافة القضاة والهياكل بأن شجاعة الموقف تصنع المنتصرين وأن الوفاق يصنع الذين لا يهزمون وتدعوهم إلى وفاق قضائي شامل ستسعى الى تركيزه في أقرب الأوقات ، وتذكرهم بأن المعركة الحقيقية لاستقلال القضاء ستبدأ الآن في مواجهة قرارات السلطة السياسية الرامية إلى استعمال القضاء لخدمة برامجها على حساب حقوق المواطنين وحرياتهم .
6- تندد بتواصل اعتماد إجراء المراقبة الحدودية (s17) والتعامل مع الموظفين السامين وممثلي السلطتين التشريعية والقضائية كمجموعة من المجرمين والمشبوهين، وتعتبر أن وزير الداخلية يستولي على اختصاصات القضاء بما يجعل خيرة التونسيين محتجزين دون إذن قانوني داخل البلاد بما يحولها إلى سجن، وتذكر بأن الحق في التنقل والسفر من الحقوق الدستورية المكرسة بمقتضى القوانين والمعاهدات الدولية ولا يُحَدُّ منها الا في الحالات المحددة بالقانون وبمقتضى قرار وقتيّ معلّل يكون خاضعا للرقابة القضائية.
7- تستنكر سعي السلطة التنفيذية نحو تغيير المشهد القضائي وتعيين مسؤولين قضائيين جدد على المحاكم والمؤسسات القضائية تحت عنوان سَدّ الشغورات وفتح باب الترقيات، والحال أن الغاية المبيّتة للسلطة التنفيذية هي ضرب كل نفس استقلاليٍّ داخل كل محكمة وتعيين قضاة موالين يكونون أداة لضرب الحريات وتنفيذ التعليمات.
8- تذكر رئيس الجمهورية بعدم اعترافها المطلق بما يسمى “المجلس المؤقت للقضاء” واعتباره من قبيل المعدوم واقعا وقانونا ، واعتبار أعماله غير شرعية ومُعَرّضة للطعن والإلغاء قضائيا وتؤكد عزمها على إلغاء المرسوم اللاشرعي المحدث له ، وتعتبر أن التمسك برفضه واجب مقدس وغير موقوت ويمتد في الزمن وأن سعي بعض الهياكل المسيّسة إلى إضفاء الشرعية على أعماله وتبرير وجوده – كأمر واقع يجب التعامل معه ومراقبته – يعد خيانة للقضاة وتآمرا مفضوحا على القضاء ، وأن إرساءه كان وسيظل وصمة عار على جبين كل قاض وكل تونسي حُرّ ، وتوكد للجميع بأن معركة استقلال القضاء تبدأ الآن ولن تنتهي إلا بإعادة الأمور إلى نصابها.
9- تؤكد عدم تفاعلها ورفضها المطلق لجلسات “الإيهام بالإصلاح ” التي دعت إليها ما تسمى بسلطة الإشراف بعضَ “الهياكل المختارة” والمجلس المؤقت للقضاء الذي كان من المفروض أن يكون صاحب المبادرة الأصلي، واعتبار الدعوة صادرة عن غير ذي صفة ومجرد وسيلة لإرجاع المبادرة والسيطرة على القضاء إلى وزارة العدل.
10- تدعو أعضاء مجلس النواب الوطنيين والغيورين على الشرعية واستقلال القضاء إلى استرجاع سلطة التشريع وفق أحكام الدستور وممارسة كافة صلاحياتهم في إصدار القوانين في إطار مؤسسة مجلس النواب ، وإلغاء كافة المراسيم غير القانونية القاضية بحل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي وحذف امتيازات أعضائه ، وتدعو إلى محاسبة كل المنقلبين على الشرعية وتبرير الانفراد بالسلطة طيلة الأشهر الماضية ، كمحاسبة كل المنقلبين على المجلس الأعلى للقضاء الشرعي وكل من ساهم في صياغة وإصدار المرسوم المتعلق بإحداث ما يسمى بالمجلس الأعلى للقضاء المؤقت”.