تونس الآن تناقلت وسائل الإعلام الوطنية بجميع محاملها حالة الفوضى […]
تونس الآن
تناقلت وسائل الإعلام الوطنية بجميع محاملها حالة الفوضى التي ارتدت إليها شوارع مدننا وأزقتها وأرصفتها وكلّ شبر فيها فبدت منذ ساعات النهار الأولى كأنها مزارات يتدافع المريدون نحوها كمن يسعى إلى تحصيل البركة من وليّ أو رجل صالح.
كما عهدناكم يا أبناء تونس… تتسابقون إلى المراتب الأولى أمام الخبّاز أو مكتب البريد أو بائع اللبن والقوتة وبائع الزلابية والمخارق… التدافع والتكاتف في المناسبات هو سلوك ـ لسوء الحظ ـ تحصّل على الجنسية التونسية.
وسائل الإعلام تناقلت حالات الانفلات والازدحام في نقاط ساخنة بالعاصمة وبسائر المدن وتكدّست السيارات على الدراجات والحافلات، وكلّ راجل لابدّ له من الاستئذان:”خويا سامحني نتعدّى” كما يحدث في مدخل مدرسة حين يأذن المدير لجحافل التلاميذ بالخروج.
هل أنتم واعون؟ هل أنت منتهون؟
لقد حفظنا تحذيرات المسؤولين بوزارة الصحة من فرط تكرارهم لها يوميا، وقلنا “سنعبر المضيق” وسنعود إلى ما اعتدناه حين يحين الوقت، لكن يبدو أنّنا أضعف من أن ننجو من الذئب… نحن قطعان غبيّة متدافعة متلاصقة، يسهل افتراسها حتّى من فيروس أغبى منّا، وتلك اللهفة والأنانيّة التي نبتت فينا، ستدمّرنا عقلية التملّص من المسؤولية المجتمعية وستمرّ كل الشعوب سريعا إلى قارب النجاة ونراوح نحن مكاننا. أتدرون ما السبب يا توانسة؟ تفضلوا، هذه هي الإجابة:
- سي حمادي هذا أمرته المادام أن يذهب إلى السوق المركزية لشراء الجبن “السيسيليانو” لأنّ سيادتها “شاهيتّو”.
- سليم أصابه الضجر الشديد من الحي الراقي الذي يقطنه، فاتفق مع الأحباب أن يلتقوا بعد فراق طويل وسيكون مهمّا جدّا أن “يعملو دورة ويبدلو الجو حمص وزبيب”.
- الشاذلي شهر “سبركة” لم يصدّق أنّ الناس سيخرجون إلى الشوارع ويكثر الازدحام والالتحام في السوق المركزية ونهج إسبانيا ونهج باب الجزيرة، عندها يجد ضالته في عجوز تائهة أو “بوعايلة” خرج لشراء احتياجات العائلة من وسط العاصمة، وفي لحظات تتسلّل أصابع “سبركة” بخفّة وتلهف ما في الجيوب، ولا يهتمّ إن كان ضحاياه سيكيلون له الدعاء (ودعاء المظلوم الصائم مستجاب).
- سي عبد السلام اتفق في أوائل شهر مارس مع مصنع البلاستيك أن يرسل إليه الكمّية المتفق عليها من الأواني البلاستيكية باعتباره تاجر جملة في هذا الاختصاص، وعليه أن يذهب إلى المصنع ويتحاسب معهم ويستعجلهم في إرسال الكمية المطلوبة في الوقت المطلوب.
هذه عيّنة متخيلة من فئات تونسية خرجت “تحتفل” بالحجر الصحي الموجّه ولا تبالي بما قد تجلب من دمار لها وللغافلين الآمنين من أهاليهم وجيرانهم. ماذا يسع العاقل أن يقول لـ”المهبول”؟