رأي: أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في تونس تلعب دورا هاما وبارزا ليس فقط كوسائط تواصلية بين الناس بل أيضا كمنصّات للمواقف السياسية
تونس الآن
أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في تونس تلعب دورا هاما وبارزا ليس فقط كوسائط تواصلية بين الناس بل أيضا كمنصّات للمواقف السياسية ومنابر للتوجهات والسياسات خاصّة منها المعارضة للسلطة القائمة منذ 25 جويلية 2023.
وخلال الاسابيع الأخيرة أصبحت هذه المنصّات مصدرا للإزعاج حتى لرئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي أكّد خلال لقاء جمعه منذ أسبوعين بوزير تكنولوجيا الاتصال نزار بن ناجي على دور الوكالة الفنية للسلامة المعلوماتية والوكالة الفنية للاتصالات خاصة في ظل توظيف شبكات التواصل الاجتماعي لنشر أخبار زائفة وبث الإشاعات وهتك الأعراض إلى جانب القذف والثلب اللذين صارا يطالان عددا من المسؤولين داخل أجهزة الدولة بهدف الإرباك وإدخال الريبة والشك في أي جهة رسمية أو أي مسؤول.
وأكد سعيّد آنذاك على أن هذه المنصات لم تعد شبكات تواصل اجتماعي بل تحولت إلى أدوات تلجأ إليها دوائر معروفة في الداخل والخارج لضرب الأمن القومي لتونس، فهتك الأعراض والتهديد بالقتل والتوعّد بالانتقام لا علاقة لها بحرية التعبير بل هي أفعال يجرمها القانون.
كما ذكّر رئيس الجمهورية بموقف الاتحاد الأوروبي الذي أعلن بصفة رسمية مؤخرا بأنه سيتم منع أي منشور الكتروني يدعو إلى الكراهية أو العصيان أو العنف، كما سيتم حجب شبكة التواصل الاجتماعي مع تحميل الجهة المعنية المساءلة القانونية.
كلام الرئيس قيس سعيّد لم يمر عليه وقت طويل حتى جاءت الزيارة الرسمية لوزير تكنولوجيا الاتصال نزار بن ناجي رفقة وفد من رئاسة الجمهورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية قادتهم إلى إلى عدد من المؤسسات الأمريكية ذات الصلة بالأمن السيبراني وبالاتصال عموما، وكانت الجريمة الالكترونية والتصرفات غير المسؤولة على منصات التواصل الإجتماعي أبرز المحاور التي تمّ التركيز عليها في هذه الزيارات.
نزار بن ناجي، إلتقى أوّلا جينيفر باشو (Jennifer Bachus)، النائبة الأولى لمساعدة وزير الدولة للشؤون الخارجية المكلفة بمكتب الفضاء السيبرني والسياسة الرقمية الذي تمّ إحداثه سنة 2022 لمعالجة المواضيع المتعلقة بالأمن القومي وفرص التنمية المتعلقة بالفضاء السيبرني.
وتناول اللقاء سبل تعزيز التعاون في المجال الرقمي وبرامج وأولويات عمل قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال بتونس وسلامة شبكات الجيل الخامس (5G)، وإستراتيجيات السلامة والأمن السيبرني الوطني. كما تم خلال اللقاء عرض لأفضل الممارسات في مجال حرية الانترنت ومبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتشريعات والسياسات في المجال الرقمي حسب ما ذكر بلاغ لوزارة تكنولوجيا الاتصال.
ولاحقا، توجّه الوزير إلى مقر البنتاغون أوّلا قبل أن يلتقي كيتي نويز (Katie Noyes)، رئيسة قسم العلوم والتكنولوجيا، وبوفد رفيع المستوى عن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) التابع لوزارة العدل الأمريكية.
وركّز الوزير خلال زبارته إلى هذه المؤسسات على السلامة السيبرنية والجرائم الإلكترونية والتهديدات العابرة للحدود وطرق حماية الأنظمة والشبكات والبنى التحتية الرقمية الحيوية. كما تم التركيز على أهمية التنسيق الدولي لتبادل الخبرات ولمواجهة مخاطر الفضاء الرقمي المتزايدة، بإعتباره فضاء مشترك ومفتوح. وتناول النقاش أيضا ضرورة التعامل مع المزودين الموثوق بهم وضرورة انضمام الدول إلى اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم الإلكترونية وضرورة تطوير ٱليات التحقيق الرقمي والجوسسة المضادة والتصدي للجرائم الإلكترونية والأنشطة المنظمة والتصرفات غير المسؤولة على منصات التواصل الإجتماعي.
إن الاستنتاج الذي يفرض نفسه أن هذ الزيارة بلا شكّ، على علاقة بما تمّ التطرّق فيه خلال اللقاء المذكور بين رئيس الجمهورية وبن ناجي ، لا سيما وأن الوزير كان مرفوقا إلى جانب خبراء وزارته بوفد من رئاسة الجمهورية، ليبقى السؤال مطروحا حول ما سيلي هذه الزيارة من إجراءات وحول مستقبل التعاطي داخل الفضاءات المتعلقة بالتواصل الاجتماعي سيما وان هناك صفحات واطراف تتولى نشر مسائل في غاية الحساسية دون القدرة على السيطرة عليها بحكم وجودها حارج ارض الوطن.
ولئن يخشى البعض إمكانية العودة إلى مربع التضييق على الرأي وفرض فضاء رقمي أحادي الخطاب عبر توظيف آليات الأمن السيبرني من أجل السيطرة على فضاءات التواصل الاجتماعي ومنع المنشورات التي تتعارض مع توجهات السلطة فان البعض الاخر يرى ان هذا الامر تحت السيطرة طالما المعنيون بالنشر موجودون داخل التراب التونسي وطالما المرسوم 54 لا يزال جاريا العمل به غير أن التلاعب بخوارزميات الفضاءات السيبرنية وما ينجر عنه من تفشي اخبار غير موثوقة او استخدامه في الحملات الانتخابية للتاثير على الناخب يظل اهم نقطة فالتونسي في حاجة الى فضاء للتعبير الحر وليس للتاثير باستخدام المال أو السلطة.
حمزة حسناوي