بقلم: حافظ الغريبي انتهت كما هو معلوم مأساة مغني الراب […]
بقلم: حافظ الغريبي
انتهت كما هو معلوم مأساة مغني الراب من أصل تونسي عتاب زعيبت المكنى بـ”سواغ مان” بالحكم بعدم سماع الدعوى في قضية تبييض الأموال والاحتيال التي أودع بموجبها السجن لمدة ناهزت السنتين، وبالتحديد منذ بدء التحقيق معه بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي على يد قاضي التحقيق الذي ارتأى أن شبهة تبييض الأموال واضحة لاريب فيها وفق تصريحات الناطق باسم القطب آنذاك سفيان السليطي..
ومنذ تقرر تحجير السفر عليه، مرت الأشهر طويلة على “سواغ مان”، الذي واجه القضاء والراي العام بشبهة تحويل مبلغ 17.6 مليون دينار الى تونس لتبييضها، بألم وحرقة كبيرين.
ورغم ادانة الدائرة المختصة بقضايا القطب المالي والمعروفة بإجحافها في اصدار الاحكام القاسية وحكمها عليه بـ5 سنوات سجنا ومصادرة كل المبلغ المالي المحجوز فإن الدائرة الاستئنافية المعلوم عنها العدل والاستقامة قررت اسقاط تهم تبييض الأموال والتحيل عن المتهم والحكم بعدم سماع الدعوى.
ورغم ان “سواغ مان” نجح في الحصول على سراح شرطي منذ جوان 2020 فإن السنتان اللتان قضاهما في السجن أثرت فيه كثيرا رغم صغر سنه وسلامة صحته البدنية فما بالك ان تعلق الامر بشخص متقدم في السن أو يعاني امراضا مزمنة أو كان في مراتب عليا وأمضى حياته دون مشاكل تذكر..
أقول هذا بعد ان لاحظت التشفي الذي يسود الرأي العام كلما أُودعت شخصية معروفة السجن أو تم التحقيق معها او عرضها على القيس وكأنّ العرض على القيس أضحى بدوره عقوبة تسلط على المتهم في رأي الناس والإبقاء على المتهم في حالة سراح منة يمنّ بها قاضي التحقيق الذي انتصب قاضيا جالسا قبل الهيئة القضائية سالبا الحرية لمن يريد ومبقيا عليها لمن يريد.
اليوم تمت تبرئة “سواغ مان” ومثل “سواغ مان” مئات إن لم يكن الآلاف من الناس تم تدمير حياتهم بجرة قلم التحقيق فأصيب من أصيب بجلطات وأمراض سرطانية وتشرّدت عائلات وفقدت مورد الرزق الوحيد ليخرجوا بعد ان فقدوا كل شيء أبرياء فتعوّض لهم الدولة حفنة دنانير عن أيام السجن اما قاضي التحقيق فإنه يواصل عمله دون وخز ضمير ويطلب ترقيات وامتيازات من المال العام الذي ساهم المتهم البريء في توفيره.
لا أريد ان اضغط على القضاء كما يتفنن البعض هذه الأيام بل فقط اريد ان أقول لكل القضاة ان أول درس دروسه في الجامعات التي تخرجوا منها هو القاعدة التي تقول أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته وان قرينة البراءة قاعدة عمل أساسية في التعاطي مع القضايا الجزائية ما لم يثبت التلبّس.. فهل يكون درس “سواغ مان” اخر الدروس أم هل ستظل قاعدة المتهم مدان حتى يُثبت براءته قاعدة للتعامل في القضاء التونسي.
حافظ الغريبي