بقلم : حافظ الغريبي كما هو معلوم صدر ليلة أمس […]
بقلم : حافظ الغريبي
كما هو معلوم صدر ليلة أمس المرسوم المنظم للهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة والذي نص على تكوين ثلاث لجان صلبها واحدة تعنى بإعداد مشروع دستور جديد والثانية بإعداد مشروع اقتصادي واجتماعي والثالثة مهمتها الحوار الوطني ومتكونة من أعضاء اللجنتين على أن تقدم تقريرا نهائيا حول أعمالها قبل يوم 20 جوان القادم أي في أفضل الحالات خلال أربعة أسابيع إذا ما انطلقت أشغال اللجان مطلع الأسبوع القادم ولم تتأخر.
معنى ذلك أن تتم كتابة مشروع دستور جديد ومناقشته من طرف عمداء كليات العلوم القانونية خلال أسبوعين او ثلاثة على أقصى تقدير قبل عرضه على لجنة الحوار الوطني للبت فيه مع المنظمات الاجتماعية… عمداء تجدهم في الان نفسهم مطالبون بمتابعة حسن سير الامتحانات في كلياتهم متابعة دقيقة خلال ذات الفترة التي تعتبر أدق فترة يعيشون فيه ضغطا خلال كامل السنة الدراسية.
ومعنى ذلك أن تتولى اللجنة المكلفة بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية -وهي المكوّنة من المنظمات الوطنية- خلال أسبوعين او ثلاثة جمع كل المعطيات حول واقع البلاد المالي والاقتصادي والاجتماعي وتحليله والاتفاق حول تصوّر جديد بأناس بعضهم لا يفقه من حسن إدارة الاقتصاد الا إدارة “مصروفه” والبعض الآخر لا علاقة له بالمالية العمومية ومنظمتان مختلفتان تماما في الرؤى والتوجهات ثم عرض عملهم على لجنة الحوار الوطني التي تضم الى جانبهم عمداء الكليات (رجال قانون لا علاقة لهم بالاقتصاد والمجتمع) للخروج بمقترحات عملية.
ثم يتولى رئيس الدولة خلال 10 أيام المتبقية مراجعة التقارير النهائية وصياغة النسخة الأخيرة من الدستور والإعلان عن الاستفتاء مرفقا بالمشروع ليبدأ النقاش حوله في عز الصيف..
قد لا أقلل من القدرات الخارقة لقيس سعيد والتي تأكدت لنا خلال الأشهر الأخيرة من اداراته كل مقاليد الدولة.. وقد لا اقلل من كفاءة المدعوين للمساهمة في اعداد تصور جديد للجمهورية القادمة لكن ذلك لا يمنعني أن أتساءل إن كان هذا الحيز الزمني كاف لإعداد تصور لجمهورية جديدة بدستورها ومشروعها الاقتصادي والاجتماعي في أيام معدودات؟
وإن تم اعداد كل ذلك، فكم ترى سيكون هامش سوء التقدير؟
وهل المواطن البسيط قادرعلى تقديره يوم الاستفتاء؟
وهل الوقت بين الإعلان عن الاستفتاء وانجازه كاف لتعميق الحوار وتنوير الاذهان؟
أسئلة عدة قد لا يتسع هذا المجال لطرحها لكنها تظل دون إجابة.
لقد امضى الله سبحانه وتعالى ستة أيام كاملة – وقد تكون ضوئية – في خلق الكون، يومان منها لتكوين الأرض ويومان لتقدير الاقوات عليها ويومان لبقية الكون، لكنه قال سبحانه وتعالى في قرانه الكريم “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” ومع ذلك فقد خلق الكون في ستة أيام لحكمة أرادها الله تعالى فحواها رسالة واضحة لعباده أن لا تتعجلوا في تدبير أموركم وأن تتعقلوا في اتخاذ قراراتكم..
وحتى الوحي فقد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم على فترات وعلى امتداد سنوات وان اختلفت الروايات فإن المدة لم تقل عن أسابيع طويلة ورغم ذلك اختلفت التفسيرات وتواصلت الفتاوى الى يوم الناس هذا .. فأنّا لقيس سعيد والعشرين مفتيا الذين سيحيطون به أن يحددوا مصير شعب خلال بضعة أيام ويضعون جمهورية جديدة، اللهم إذا كانت جمهورية على شاكلة مفتاح في دقيقة أي نسخة لأصل جاهز وموضوع في الرفوف.
حافظ الغريبي