إعتبر الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة إلياس بن عامر ان […]
إعتبر الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة إلياس بن عامر ان الحل في معالجة جزء صغير من هذه المديونية، هو الترفيع في أسعار بعض المنتوجات التي يختص في توريدها لفائدة الصناعيين مع المحافظة على سعرها المدعم للمواطنين. واكد ان الديوان كمنشاة عمومية (أحدث سنة 1962) لا يزال يؤدي دورا اقتصاديا واجتماعيا في تونس من خلال توفير منتوجات أساسية يحتكر توريدها وبيعها وهي القهوة والشاي والسكر والأرز وعرضها بثمان مدعمة.
وأشار بن عامر في حديث لموقع البورصة إلى أن الديوان يحتكر توريد أربعة منتوجات أساسية وهي الأرز والسكر والقهوة والشاي بتوريدها وتوزيعها بأسعار تصل الى التونسيين مدعمة غير ان الايام الفارطة شهدت ارتفاع الضغط على هذه المواد خاصة السكر والأرز.
وأفاد بأن الديوان يوفّر الكميات بصفة عادية لحرفائه وهم تجار الجملة والمساحات التجارية الكبرى وان تاجر الجملة لا يمكن ان يتزود الا من خلال جملة من الشروط والمعايير المحددة من طرف وزارة التجارة وتنمية الصادرات لتامين الشفافية والاسترسال عند الحصول على المنتوجات وضمان وصولها الى المواطن لاحقا. وبالنسبة الى نسق تزويد السوق التونسية تمكن الديوان من توفير كميات من مادة السكر في شهر فيفري الماضي بلغت 29 ألف طن مقابل 22 ألف طن في نفس الفترة من السنة الماضية بزيادة بنسبة 36 بالمائة وفق ما صرّح به إلياس بن عامر.
وبالنسبة الى الأرز فان معدل التزويد الشهري يتراوح بين 1700 طن ووصل معدل التوزيع خلال شهر مارس الجاري الى 2500 طن. واعتاد الديوان التونسي للتجارة ان يؤمن مخزون ما بين شهر ونصف وشهرين يغطي حاجيات الاستهلاك الوطني، وعلى سبيل الذكر بلغ المخزون ليوم 22 مارس 2022 من مادة القهوة 4350 طنا متوفرة بمخازن الديوان وبيع 100 طن من القهوة يوميا (ما يقارب مخزون ب 45 يوم). وبلغ مخزون الارز 2300 طن مع بيع معدل 1700 طن شهريا علاوة وصول شحنة جديدة ب 1500 طن تصل في بحر هذا الأسبوع الى تونس.
ونوّه بن عامر إلى أنّ أسباب متعدّدة أدت الى تسجيل ضغط على منتوجات السكر والأرز والمعجنات منها بالخصوص حصول نوع من التخوف لدى التونسيين إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما قد يترتب عنها من تسجيل نقص في المواد.
وأكّد على ان هذه الوضعية غير مطروحة بالمرة على تونس لأنّ تونس لا تقتني السكر والأرز من هاتين الدولتين. كما ان التخوف من قدوم رمضان وما يرافقه من عملية لتخزين المواد الغذائية في ظل الضغط المسجل على توفر منتوجات الأرز والسكر، ساهم بشكل كبير في حصول الضغط وارتفاع الطلب.
ومن ناحية اخرى فان من دواعي الضغط الحاصل ان ديوان التجارة يقوم بتزويد الصناعيين الذين يقومون بدورهم بتكوين مخزونات من هذه المواد لغاية التصنيع المواد الغذائية وخاصة السكر لضمان سير عمل وحداتهم. ووجب الإقرار أيضا بتفاقم مظاهر الاحتكار وما يرافقها من ممارسات مخلة بقواعد الشفافية والنزاهة على غرار فرض البيع المشروط باشتراط بيع السكر مع منتوجات أخرى.
وأفاد الرئيس المدير العام للديوان التونسي للتجارة بأن العقود التي أتمها الديوان تمتد الى موفى شهر جوان القادم وان الشراءات المنجزة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة توفر مخزونات بحوالي 45 يوما لتامين التزويد في ظروف حسنة وتجنب الضغط.
وبالنسبة الى مادة السكر قال المسؤول إن الديوان يخرج للأسواق العالمية لاقتناءه مرة في الشهر السكر الأبيض (20 ألف طن) ومرة أخرى لشراء السكر الأسمر (30 ألف طن) ووضعه على ذمة الشركة التونسية للسكر بباجة لتكريره، لافتا إلى أنّ تونس تستهلك سنويا 360 ألف طن من السكر.
أما عن الدول التي تشتري منها تونس الأرز والسكر فأشار بن عامر إلى أن الأمور تختلف حسب المنتوج مثلا تقتني تونس السكر عبر طلب عروض دولي أساسا من البرازيل لكن عملية الاقتناء تخضع الى مسار منظّم من خلال المرور عبر شركات تجارة عالمية معروفة تتمتع بمصداقية في عملها وان المزودين الراغبين تزويد تونس يخضعون الى شروط مضبوطة ومحددة يوفرها مكتب دراسات مختص. وتقتني هذه الشركات من عند المزودين العالميين لتونس فمثلا الأرز من تايلندا والشاي من الصين.
وطمأن بن عامر التونسيين بشأن توفر المنتوجات من أرز وشاي وقهوة وسكر وبالكميات المطلوبة مع ضرورة عدم اللهفة لعدم ارباك السوق و ان مستويات المخزونات والتزويد لم تتغير بل تم تعزيزها في الفترة الاخيرة.
ولفت إلى أن الديوان التونسي للتجارة يعاني من مشاكل مالية منذ سنة 2012 إثر صعود الأسعار العالمية للمواد التي يقتنيها ما اضطر الدولة الى الحفاظ على دعم الأسعار على حساب ضخ اموال للديوان من اجل مواصلة قيامه بدوره التعديلي وتقوم الدولة بدورها الاجتماعي في دعم أسعار هذه المنتوجات التي تعد استراتيجية.
وأوضح أن الديوان مرتبط شديد الارتباط بتطور الأسعار العالمية ويتأثر بها على مستوى توازناته المالية مثال ذلك التطور الهام في أسعار السكر المرتبط بأسعار البترول التي تتطور باستمرار لان السكر يقع تحويله الى محروقات بتصنيع مادة الإيثانول التي يقع استخدماها كوقود للسيارات وان سعرها عادة ما يكون منخفضا جدا بالمقارنة مع سع النفط.
كما إعتبر أن هناك أسباب ظرفية ومناخية تؤدي الى زيادة أسعار المواد الغذائية العالمية الى جانب العوامل المتصلة بجائحة كوفيد اذ صعدت أسعار مادة السكر في الأسواق العالمية منذ نوفمبر 2021. ويشكو الديوان من خسائر متراكمة منذ سنة 2012 بقيمة 400 مليون دينار وهو بالتالي الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المدعم من الدولة وهو خيار اتبتعته الدولة لدعم المنتوجات بطريقة غير مباشرة. للحفاظ على المقدرة الشرائية للتونسيين.
وأضاف بأن هناك اليات على مستوى وزارة المالية للتكفل بهذه الخسائر وتأخذها الدولة على عاتقها ولكن الخسائر تظل مرسمة بالوثائق المحاسباتية للديوان، موضحا أنه هناك خيار من الدولة التونسية وليس خيار من الديوان بمواصلة دعم المواد الاستراتيجية للحفاظ على القدرة الشرائية للتونسيين من منطلق انه من الصعب في الظرف الراهن التخلي عن هذه المواد الاستراتيجية والسماح للقطاع الخاص بتوريدها والتي سيقع ترويجها بالسعر الحقيقي الامر قد لا يقدر عليه التونسيون.
كما أوضح بأنّ المخطط المباشر لمعالجة المديونية يقضي إما بالترفيع في اسعار المواد الموردة التي يختص بها الديوان او ضخ الفارق مباشرة في ميزانية الديوان، وأنّ من ضمن الحلول الأخرى التي يشتغل عليها الديوان هي التنويع في المنتوجات على غرار طريقة تعليب وتصنيف الشاي من اجل تحسين موارد الديوان باعتماد شاي احمر او اخضر من صنف 100 غرام ونوعيات جديدة تكون فيها الخسارة اقل او متوازنة.
وفي مجال السكر الموجه للاستعمال الصناعي فان المقترح هو الترفيع في سعره والاقتراب أكثر الى الأسعار العالمية ولكن هذه الفرضية سيتم تطبيقها بتدرج وعدم إقرار الأسعار الحقيقية مرة واحدة لان له تأثير غير مباشر على المنتوج النهائي (حلويات، بسكويت، شكلاطة، مشروبات غازية، المشروبات الساخنة كل المواد التي يكثر استعمال السكر فيها …) الذي قد يكون سعره ارفع ما يؤثر على المقدرة الشرائية للتونسيين من جهة وتسجيل ارتفاع في نسبة تضخم مجموعة الأغذية.