عقد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اجتماعه بتاريخ 5 أكتوبر […]
عقد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اجتماعه بتاريخ 5 أكتوبر 2022 واستعرض التطورات الأخيرة على الصعيدين الاقتصادي والمالي إلى جانب آفاق التضخم.
فعلى الصعيد الدولي، أصبح النمو في الفترة الأخيرة ضعيفا في أهم الاقتصاديات وواصلت أسعار المواد الأساسية والمواد الأولية وخاصة النفط مسارها التنازلي على الرغم من بقائها في مستويات عالية، في حين بلغ التضخم العالمي معدلات مرتفعة تاريخيا. وإلى جانب تقيدها بمهمتها في الحفاظ على استقرار الأسعار، استمرت البنوك المركزية في تشديد سياساتها النقدية وهو ما أدى إلى تعقيد ملحوظ للأوضاع المالية الدولية. ومن المرجح أن تزداد حدة التوجه التقييدي للسياسات النقدية في أهم الاقتصاديات خلال الفترة القادمة في مقابل الضغوط التضخمية الهامة التي تلوح في الأفق حيث أنه من المنتظر أن تتفاقم بفعل أزمة الطاقة التي تخيم على أوروبا مع اقتراب فصل الشتاء. ويتوقع أن تعرف ديناميكية نمو الاقتصاد العالمي تباطؤا، الأمر الذي سيدفع بالعديد من المؤسسات الدولية إلى مراجعة توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي نحو الانخفاض.
أما على الصعيد الوطني، فقد تضاءل النشاط الاقتصادي خلال الربع الثاني من سنة 2022 بالنظر خاصة إلى الأداء الضعيف للصناعات غير المعملية. وفي جانب آخر، فإن الأداء الجيد لنشاط الصناعات المعملية، لاسيما التصديرية خلال النصف الأول من سنة 2022 والذي تواصل في الأشهر الأخيرة، قد مكن من دعم صادرات البلاد. كما تحسن الطلب الداخلي بعد رفع جميع القيود الصحية مما أجج الضغوط المسلطة على تدفقات الواردات.
وفيما يتعلق بالأسعار عند الاستهلاك، لاحظ المجلس تواصل الارتفاع المتسارع والمعمّم للتضخم الذي بلغ 8,6⁒ في شهر أوت 2022، أي أعلى مستوى يتم تسجيله منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود. وأشار المجلس على وجه الخصوص إلى أن التضخم الأساسي “دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة” وبالنظر إلى أنه يمثل مقياس المنحى الأساسي للتضخم، قد تسارع ليبلغ 8,5⁒ في شهر أوت 2022 مقابل 8,2⁒ في الشهر السابق و5,3⁒ قبل سنة.
وعلى مستوى القطاع الخارجي، أطلع المجلس على تفاقم العجز الجاري الذي بلغ -5,8⁒ من إجمالي الناتج المحلي خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2022 مقابل -3,6⁒ قبل سنة وذلك جراء تدهور الحاصل التجاري (-10,1⁒ من إجمالي الناتج المحلي مقابل -6,6⁒ في نهاية شهر أوت 2021). وبلغ مستوى الاحتياطي من العملة الأجنبية 23.848 مليون دينار (أي ما يعادل 112 يوما من التوريد) بتاريخ 29 سبتمبر 2022 مقابل 23.313 مليون دينار أو 133 يوما من التوريد في موفى سنة 2021.
ولاحظ المجلس أن الضغوط التضخمية ستظل نشيطة حيث يتوقع أن يستمر تأثير جملة العوامل، سواء الداخلية أو الخارجية، التي تزيد حاليا من حدة الضغوط المسلطة على الأسعار عند الاستهلاك وذلك خلال الثلاثيات القادمة. ويمثل ضعف القدرة الإنتاجية للاقتصاد في ظل ارتفاع الطلب على وجه الخصوص، مصدرا رئيسيا للضغوط التضخمية بما من شأنه تدعيم التأثيرات التصاعدية الهامة المتأتية من الخارج.
وقد أعرب المجلس عن انشغاله إزاء المخاطر التصاعدية التي تحيط بالمسار المستقبلي للتضخم، مؤكدا على أهمية تنسيق السياسات الاقتصادية لتجنب أي انزلاق تضخمي قد يزيد من حدة مواطن الضعف الاقتصادية والمالية. وفي هذا الإطار، يدعو المجلس جميع الأطراف المتداخلة لدعم جهود البنك المركزي في مكافحة التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي.