لن يكون سهلا عليكم تفهّم موقفي والقبول به على غرابته، […]
لن يكون سهلا عليكم تفهّم موقفي والقبول به على غرابته، لكن لا يهمّ… أنا أحيانا هكذا… مصعصع.
أحسست منذ يوم أو يومين بالحجر يثقل عليها… هو فعل حجْر بوزن الحجَر يفقد الجسم انسيابيته وتنطعه حين يلزم الأمر. الحجر ثقيل على أكتافي وزاده الصّوم ثقلا على ثقل، حتّى أني بدأت أمرّ بنوبات هلوسة خفيفة لكنّها هلوسة.
حين أفيق صباحا، بعد الاستمتاع بأربع أو خمس ساعات نوم خيالي بعد السحور وصلاة الفجر، حين أفيق تبدأ معاناتي اليومية: “بالله تعمل مزية نحيلي الريدوات باش نغسلهم… ما شاء عليك طويل وتنفع في المهام الفضائية”… هكذا تصدمك المرأة التي قدّر لك أن تتعايش معها ليلا نهارا كدبّ ودبّة دفعتهما عاصفة ثلجية قوية إلى الانحشار في نفس المغارة، أو تعالجك بصرخة مفاجئة تقطف القلب من شجرة الصدر: “ووه… القاز والفريجيدار يلزمهم تنظيفة…”
الأوامر الصارمة تقطّع الأمعاء أكثر من الصوم بلا سحور، أنا لا أخافها تلك المرأة ولكني أحاول تفادي الصدامات كأحزاب فاشلة لا تملك سوى الوقاحة للاستمرار… يا حسرة عليك يا عم حسونة القهواجي، حين كنّا نلجأ إليك هربا من “تخرنين” النساء، كنت تحتضننا كما يفعل صندوق النقد الدولي مع كل من لم يعد له نقد، ونحن لم يعد لنا مقهى ولا ملهى ينسينا ما نحن فيه.
أحنّ إلى الشارع بطينه شتاء… وبغباره صيفا، أحنّ إلى الشرطيّ الذي يقبض على صاحبة سيارة شعبية وقد بدأت تحرق الضوء كشمعة سقطت على ثوب العروس، لكنّه ـ بعد أن يكون قد محا بقايا ابتسامة التزلف والتمسكن من وجهها ـ يرسل إليها موجات إيجابية: “يجعل بلاك على غير يدي… أنده وسايس روحك تحصل مع غيري”.
صدّقوني، أنا أحنّ إلى بربشة الفريب واستطلاع أغوار أكداس الملابس التي رمانا بها الآخر من الضفة الأخرى ليذكرنا بأنّا أقنان عنده، ولكنّنا نستمتع بالتزاحم أمام البائع حيم يفتح متفاخرا بالة فريب جديدة. أنا أحنّ إلى الرائحة العطنة التي تنبعث من أكوام الملابس القديمة، ومن أبواب سوق السمك حين أمرّ كقطّ بجانبها وأنا صائم ولا أملك ثمن حارة تريلية حمراء لإعداد شربة… شخصيّا أخفّف من السرعة عندها حتّى أحصل ـ على الأقل ـ على شمّة قوية من عطر السمك. وما دمنا نتحدث عن الفريب، عندي سؤال أوجّهه رأسا إلى وزير التجارة: من فضلك سيدي الكريم، متى يمكننا أن نستورد كمامات مستعملة لإثراء سوق الفريب، ولتعديل سوق الكمامات الجديدة التي بدأت تستجمع مخالبها لتغرسها فينا؟
ناصح