في لجّة التناحر والتقاتل، وحمّى الضياع والتشرّد، ومضاعفات الوباء الكوروني، استعرت كلّ النبران حول المواطن اليمني كأشدّ ما يكون.
في أصل الجحيم نبتت ابتسامة ملائكية على ثغر صبيّ وسيم يحيل على أسطورة الوسامة العربية وضّاح اليمن… صبيّ تقاذفته محن الهروب من الموت، لكنّ طفولته ظلت متّقدة وبراءته غالبة على مشاعر الضياع.
وفي غفلة من كلّ الابتلاءات جمعت الصدفة ذلك الصبيّ بمصوّر محترف وأبرم الطرفان عقدا ينجز المصوّر بمقتضاه صورا للصبيّ وينزّلها على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتنازل الصبيّ بمقتضاه عن أنفس ما يملك: نظارتان صنعهما بأنامله الفنانة من سلك معدنيّ. وبالفعل تمّ المقايضة في أفضل الظروف. لكن بمجرّد أن وضعت الصورة تحت أنظار زوار حسابه على إنستغرام خطرت بباله فكرة أولى وهي أن يأخذ له المصوّر صورة وهو يرتدي نظارتي الصبيّ محمد مقابل ما يناهز 11،5 دينارا تونسيا سيخصصها لشراء ملابس العيد لمحمد وأصدقائه المحتاجين، ثمّ تطورت الفكرة وأعلن أنّه مستعدّ للتفريط في التحفة التي بين يديه في إطار مزاد علني خيريّ.
بكم تتصوّرون أنّ نظارتي محمد قد بيعتا؟
لقد خصّصت مؤسسة مختصة في نزع الألغام مبلغ 2،5 مليون ريال يمني (أكثر من 28،5 ألف دينارا). وقد تمّ تخصيص ذلك المبلغ لأعمال تعود بالخير على المتضررين من الأوضاع في اليمن الجريح.