لن يعي أحد ما أقول وأنا المشحون بكلّ الشوق والحنين إلى من منعتني عنهم الموانع… أنا يا قارئ هذه الكلمات كائن سلبوه حق الحياة وهو يتنفّس… أحلم بلحظة انطلاق وحريّة وسلطة على وجودي… أنا الممنوع من الارتحال إلى أحبّة أهفو إلى مجالستهم ومحادثتهم ومسامرتهم… أنا أسير الفيروس يا سادتي.
حين تركت موطني وسعيت إلى تحقيق حلم سكنني منذ ضاقت بي السبل وعزّت اللقمة، هاجرت وهجرت أهلي وما كنت فيه. واليوم علمت أنّ الغربة أشدّ في المطارات لو تعلمون.
من يبيعني جناحين فأرتحل إلى موطئ قدم واحدة في بلدي فأقف ألف سنة ولا أملّ الوقوف… الموت في كلّ مكان، ولكنّه أشدّ على من ينتظر فرجا ولا يأتيه البشير… من يقايضني عمري كلّه لقاء ساعة ألقى فيها من ينتظرني هناك خلف البحر ويتنازعه الخوف واليأس مثلي
أيّها الفيروس… ألا تنام؟ ألا تغفل عنّي؟ ألا تمنحني لحظات كما يفعل الجلاد قبل تنفيذ حكم الإعدام؟
سأظلّ هنا واقفا أو قاعدا أو متوسدا حقيبة السفر، وإن أتاني الموت فإنّي لا أخشاه لأنّي اكتسبت المناعة بحرصي على تحدّي اليأس.