بقلم: حافظ الغريبي استمعت أمس الاثنين الى الكلمة المطوّلة للرئيس […]
بقلم: حافظ الغريبي
استمعت أمس الاثنين الى الكلمة المطوّلة للرئيس الدولة قيس سعيد، خلال إشرافه على موكب تسليم جوائز الفائزين في المسابقة الوطنية لحفظ القرآن الكريم، وقد محور الرئيس كلمته أساسا حول فكرة فصل الدين عن الدولة ربما كتهيئة منه لدستور قادم بدون فصل اول ينص على أن تونس دولة دينها الإسلام. إذ وفق رؤية السيد الرئيس فإن لا دين للدولة ولا للحكومة وإن لا الدولة ولا الحكومة سيقفان على الصراط أو سيحاسبان يوم القيامة بل وحدهم الافراد يحاسبون على أفعالهم.
وبغض النظر عن وجهة نظر السيد الرئيس، والتي أعتقد شخصيا أنها معقولة جدا، فإن ما يحزّ في نفسي هو أن يخصص السيد الرئيس كل ذاك الحيز الزمني من وقته الثمين جدا، خاصة في مثل هذه الظروف العويصة التي تمر بها بلادنا ومعها المنطقة والعالم، للبحث والتقصي واعداد الجذاذات حول مسألة ديانة الدولة متجاهلا الحديث ولو للحظات عن وضع الدولة المالي وعن حالها الاقتصادي وعن وضعها الاجتماعي..
سيدي الرئيس
صحيح أن دولتك لا دين لها لكنها يا سيادة الرئيس غارقة في الديْن بل قل في الديون للـ”العنكوش” وهي والحالة تلك لا سيادة لها وهي إن تواصلت الحالة قد لن تبلغ حتى يوم القيامة كي تمنح صك براءة من الحساب..
والشعب الذي حملها زقفونة في صراط الدنيا كلّ وملّ وأنهكت قواه، وهو ينتظر منك اليوم أن تبعث له برسائل الأمل وقرب الانفراج.. ينتظر منك أن تبادر بتوفير المناخ الملائم للاستثمار الأجنبي والوطني حتى يتوفر الشغل الكريم لمئات الاف من العاطلين.. وينتظر منك حلولا للمصانع التونسية التي تتزود بمواد أولية من أوكرانيا ومن روسيا والتي قد تتوقف عن الإنتاج وتحيل الألاف على البطالة.. ينتظر منك فتح أسواق تجارية جديدة لترويج وتثمين منتجاتنا الصناعية والفلاحية حتى تمتلئ خزائن الدولة بالعملة الصعبة علّها تكفينا مؤونة الاقتراض لخلاص الديون الخارجية..
ينتظر منك لفتة خاصة للفسفاط المكدّس بالمجمع الكيميائي لأن آلات المجمع لم تعد قادرة على تحويله.. ينتظر منك خبزا وزيتا ودواء.. ينتظر منك أن تحقق له العيش الكريم يومها لن تحتاج حتى الى دستور لتحكمه.. يومها سوف يقول: احكم فانت الواحد القهار
إما أن يُصرف الجهد في الحديث عن جنس الملائكة والدولة تغرق يوما بعد يوم في الديون فإنه ينطبق على دولتنا حال “السردوك يأذن وساقيه في الغرم”.
حافظ الغريبي