-كلما استوقفتني حال بلدي ، تنهدت عميقا ، وبلعت ريقي الجارح وكأنه زجاج مكسور.
شباب تائه ، مسطول ، مصدوم ، عاطل ، نصفه مريض. والنصف الاخر اغلبه يائس من كل شيء… أحزاب كأنها فقافيع صابون تفرك رغوة الأوساخ ، وتنشر الأوهام ، والكذب والخديعة ولا تترك في محيطها غير الروائح الكريهة … دولة كل مؤسساتها مليئة باللصوص والمرابين والمستكرشين والفاسدين والمتحيلين والعابثين بمصير اجيال برمتها في وضح النهار…
– ارى كل هذا الكوكتال المسموم … فأهرب احيانا لكتابة شعر او نثر ركيك اتعرى فيه امام مَنْ احب.. وأعرف اني اركض في النهاية بين غربتين ..والمسافة الى فرحي تطول ، ولا ظل عشبة في الرمال..!
ثم ماذا..؟
لماذا لا أفرح..
بما تبقّى من نخّالة الايام
في غربال القلب
على الأقل..؟
– لماذا لا أفرح
بِمَنْ تبقّى في كنّش ذاكرتي
من الأصدقاء
من اللصوص
من بائعي الفطر المسموم
وبائعات الريح للمراكب
من عاريات الاكتاف
لمناقير النوارس
الى اخر الاشجار التي..
لم تعد تصلح للحقل..؟
– لماذا لا أفرح..
وانا اعرف ..
ان السلف الصالح
حدثنا قرونا..
عن ليلة القدر..
ولا فقيرا واحدا..
طيبا صالحا .. صاح فينا..
وهو في قاع البئر
انها.. مدّت له الدّلْو في الحَبلْ..!
– لماذا لا افرح
وانا اعرف انّ اصابعي مثلا
لم تقصر.. او تصبح أطْول
ولساني ظل على ريقه الريفي المالح
يصول ويجول
واني..
ما زلت امشي في الاسواق
اضحك للناس ولا اراهم
واشتم البعض منهم في غفلة..
من الشيطان.
– اقول :
الهي : لِمَ خلقت كل هذا ..؟
– لِمَ .. كل هذه الكثرة..
وقلّة البركة..؟
– لِمَ.. خلقت الحَجَل.. والحمام
وطيور الجنة..
ثم خلقت الكواسر.. والغربان
– لِمَ خلقت من كل زوجين كارثتين ..
الماء والنار ،
الوردة.. والصبّار..
-آهٍ.. كان لا بد ان افرح من زمان
كان لا بدّ..
أن أرمي كل ما في عيني
من عَفَن ، وأدْرَان
من املاح الدمع
وزَبَد الاحزان
أن ْلا اشكو غير بلاهتي
ان لا اتهم سواي
ان لا اصدق غير محراث ابي.
اغني..
للاشجار العارية
للشمس والتراب
مثل الدرويش..أظلْ..
محتفلا فقط..
بقوافل النّملْ…!