بقلم علي الجليطي ياسمينة خضراء هو الكنية الأدبية أو الاسم […]
بقلم علي الجليطي
ياسمينة خضراء هو الكنية الأدبية أو الاسم المستعار للكاتب محمد مولسوهل المولود سنة 1955 بصحراء الجزائر. وهو كاتب باللغة الفرنسية ذاع صيته في مختلف أنحاء العالم. وقد ساهمت بقدر كبير في هذه الشهرة مؤلفاته ومنها بالخصوص “خطافات كابول” ( Les Hirondelles de Kaboul) و”عرائس بغداد” (Les Sirènes de Bagdad). وترجمت اغلب أعماله في 42 بلدا ومنها روايات “بماذا تحلم الذئاب” (A quoi rêvent les loups) و”الكاتب” (L’écrivain) و”خداع الكلمات” (L’imposture des mots) و”ابنتي عمي خ.” (Cousine K). ونذكر أيضا تلك الرواية الهامة في سجل الكاتب بعنوان ” ما يدين به النهار لليل” ” Ce que le jour doit à la nuit” وقد أخرجها الكسندر اركادي في فيلم من إنتاج التونسي طارق بن عمار…وصدرت له كذلك عن دار النشر جوليار (Julliard) روايات “الملائكة تموت بسبب جروحنا” (Les anges meurent de nos blessures ) سنة 2013 و”آخر ليلة في حياة الرئيس” (La Dernière Nuit du Rais) سنة 2015 حول حياة القائد الليبي معمر القذافي. ومن آخر كتبه سنة 2020 “مِلح كل النسيان” «Le sel de tous les oublis»
والكتاب الذي نقترحه اليوم هو الذي صدر في سبتمبر 2014 عن دار النشر بوكت (Pocket) في 316 صفحة من حجم كتاب الجيب بعنوان “ماذا تنتظر القردة” (Qu’attendent les singes) والحقيقة أن العنوان هو النصف الأول من جملة جاءت على لسان إحدى شخصيات هذا التأليف وفيها “ماذا تنتظر القردة حتى تصبح من طينة الرجال” ؟ وورد بالصفحات الأولى للكتاب مقتطف وتوطئة يعرّفان بخلفيات وتطلعات المؤلف، المقتطف للكاتب “فرانتز فانون” (Frantz Fanon) في كتابه “المعذّبون في الأرض” حيث يقول: “على كل جيل أن يكتشف في ضبابية نسبية رسالته وأن يؤديها أو يخونها” ، فيما تتضمن التوطئة ما يلي:
“هناك في الدنيا مَن يجعلون مِن القبَس شُعلة ومِن المشعل شمسا، ومَن يضحّون بكل الحياة في سبيل مَن يشرّفهم باللقاء ليلة واحدة، وهناك في المقابل من يستغيثون مِن الحريق كلما تراءى لهم شعاع ضوء في طرف نفقهم، جاذبين نحو الأسفل كل من يمدّ لهم يد المساعدة. وفي الجزائر يُسمّى هذا الصنف الثاني من البشر بنو كلبون. فهم مصدر أذى بالوراثة، وهم مناوئون موسومون باختصاص ثلاثي الأضلاع: سلِيقتُهم الكذب ومبدأهم الغش وموهبتهم الأذى. وهذا الكتاب يروي قصة هؤلاء.”
وكعادته يتقن “ياسمينة خضراء” تطويع اللغة الفرنسية للتعبير عما يجيش في خياله الواسع من أفكار ومواقف وما يزخر به من صور ورسوم نحتها بكلمات منتقاة وبأسلوب سلس فجاءت معبّرة عن واقع ماثل أمام القارئ بما يدفع إلى الانبهار بهذه القدرة الخارقة لدى الكاتب للتلاعب بالألفاظ وكأنها ريشة رسام ماهر تنقل على اللوحة تفاصيل مشهد معين بما لا يدع مجالا للقارئ للبحث عن ألوان أخرى وعن تفاصيل إضافية في ذلك المشهد. والكتاب هو صورة مصغّرة رسمها خيال الكاتب لمشاهد من الواقع الجزائري السياسي والأمني والإعلامي في السنوات التي لحقت عشرية الإرهاب وحبكها في شكل رواية بوليسية متعددة الأبعاد متماسكة ومشوقة. وهي صورة حزينة مظلمة وقاتمة للواقع الجزائري رغم ما فيها بالمقابل من نقاط عديدة مضيئة ومتفائلة….