في سياق العملية الإرهابية التي شهدها يوم الجمعة شارع الحبيب […]
في سياق العملية الإرهابية التي شهدها يوم الجمعة شارع الحبيب بورقيبة وعلى مقربة من مبنى وزارة الداخلية أورد محمد ذويب، وهو مؤلف كتاب ” ملحمة بن قردان أسرار وخفايا معركة مارس 2016″ وباحث دكتوراه في التاريخ والعلوم السياسية والإرهاب والتهريب، جملة من الملاحظات المعطيات تتعلق أساسا بمنفذ العملية وكذلك بحيثياتها.
وقد تمّ التعرّف على الشخص الذي قام بالعملية وهو أصيل قصر هلال من ولاية المنستير ومن مواليد 1990 كما أنه من عائلة ميسورة حيث أن والده طبيب عيون إضافة إلى كونه حفيد تاجر عُرف بأعماله الخيرية.
وتلقى هذا الشخص دراسته في الولايات المتحدة حيث تم استقطابه ثم سافر إلى سوريا وانضم إلى الجماعات الإرهابية هناك ثم عاد إلى تونس وهو مصنف S17 وS19 ممّا يعني أنه إرهابي خطير ومن المفترض أن يكون معروفا لدى الأجهزة الأمنية وحتى أن يكون مراقَبا.
ووفق بعض المعطيات حاول منفّذ الهجوم سابقا القيام بعملية تفجير مفترق بقصر هلال واستهداف دورية أمنية كانت متواجدة هناك. كما تم إيقافه منذ 6 أشهر بعد أن حاول قتل أحد المواطنين ليتم إخلاء سبيله بتعلة أنه مختل عقليا.
ولا شك أن الكثيرين لحظوا أن العنصر الإرهابي تنقّل بوجه مكشوف في شارع الحبيب بورقيبة وهو يمسك بساطور وسكين كبير الحجم ويلوّح بهما في حركة استعراضية مستفزّة وبكل ثقة في النفس وتحرّك لمدة دقيقتين على الأقل على بعد أمتار من وزارة الداخلية وفي منطقة حساسة دون تدخّل أعوان الأمن الذين تداركوا الأمر بعد أن قام بالقفز على الحواجز وهو ما يطرح بعض التساؤلات بخصوص انعدام سرعة مواجهته.
وعموما كان التعاطي الأمني، بالقرب من مبنى الوزارة أي خلف الحاجز، مقبولا وتم على مراحل بدأ بتحذير المهاجم والتنبيه عليه ثم محاولة منعه من التقدّم والاقتراب أكثر من الوزارة عبر إضافة حواجز حديدية أخرى ثم إطلاق النار عليه في مستوى الساق بعد إبعاده عن الوزارة والاقتراب منه ومحاولة القبض عليه بسرعة وشل حركته ونقله للإسعاف وتفادي إمكانية وفاته وبالتالي فقدان مصدر للمعلومات.
ورأى البعض أن أعوان الأمن ما كان عليهم التقدّم من الإرهابي بسرعة بعد أسقاطه خشية امتلاكه حزاما ناسفا غير أن الالتصاق بالعنصر المهاجم بسرعة وشل حركته مكّن الأعوان من منعه من تفجير الحزام في صورة وجوده وبالتالي تفادي حدوث كارثة حقيقية وسط العاصمة.
كما أن إصابة المهاجم في رجله حالت أولا دون تفجير نفسه وتفادي تفجيره في صورة إصابته في وسط جسده حيث يمكن أن يتواجد الحزام وثانيا أبقت على حياة الإرهابي وبالتالي البحث معه مما يساهم في كشف عمن سفّر وموّل وحرّض واستقطب وحتى من شارك وسهّل عدة وضعيات وهو ما من شأنه أن يقدّم عدة حيثيات تتعلق بهذه العملية وغيرها.
وتُعدّ العملية من العمليات النادرة التي يتم فيها القبض على مشارك منفذ عملية إرهابية وهو على قيد الحياة.
ولا بد من الإشارة إلى التعاطي الشعبي مع العملية قبلها وبعدها بما يؤكد ما حدث سابقا في بن قردان والقصرين … مواطنون يلاحقون إرهابي بالحجارة محاولين إيقافه واخبار أعوان الأمن عن تحركاته هذا قبل العملية وشعب يحتفل بالرقص والموسيقى في نفس المكان بعد العملية مما يؤكدا مجددا أن غالبية الشعب التونسي رافضة لهذه الآفة ولم يعد يخشاها البتة.
وبخصوص الإطار المكاني للعملية فإن شارع الحبيب بورقيبة يشهد حركية كبيرة خلال ذلك التوقيت بين الساعة الثالثة والرابعة مساء وبالقرب من وزارة الداخلية كما أن الإطار الزماني وهو يوم الجمعة يرمز إلى دلالات في فكر الجماعات الإرهابية من قداسة ومن أوهام عند ارتكاب علميات إرهابية.