تونس الآن يبدو أن الفساد، في شكل شبهات أو قضايا […]
تونس الآن
يبدو أن الفساد، في شكل شبهات أو قضايا واضحة الأركان، بصدد خطف الأضواء من فيروس كورونا، فبعد أن كان حاضرا غائبا، بتفادي رؤوسه و”التنقيب” على وجوه الصف الثاني والثالث في السابق، فتح فيروس كورونا شهية البعض لتوظيفه خدمة لمصالهم وفي الإضرار بالمجموعة الوطنية في وقت عجز أساتذة البحث في علم الفيروسات عن التوصل إلى حقيقته فكانت الألفة بين وباءي الفساد وكورونا.
ولعل نظرة سريعة عما يثار في الفترة الأخيرة من اتهامات وشبهات كفيلة بأن تدل على أن بلادنا لم تشهد حربا على الفساد بعكس الاعتقاد الذي كان سائدا بقوة الدعاية والدمغجة وما شابه الوسيلتين لإخراج الفساد من دائرة الواقع اليومي ووضعه في سياق أسطوري تنعدم فيه الحقائق وينكر البديهيات حتى لا نكاد نصدق أن الجميع واقعون تحت سيطرة سحر لا هم له إلا تنقية أجواء الفساد من الشبهات والاتهامات.
ولولا الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لكانت الأنهار تجري من تحت أقدامنا ونحن غافلون وأولي الأمر لا يتزحزحون عن مواقفهم إلا باتخاذ ما يتيسر من أشباه الإجراءات والقرارات، الحمد لله أن هناك هيئة، والحمد لله أن هناك مسؤولين يضطرون، إن بحكم علوية القانون أو تحت ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي، إلى التفاعل مع كل ما يتسرب وينشر ويذاع.
وعندما نسمع، دون أن نرى، أن هناك، مثلا، شبهات حول صفقة تصنيع كمامات غير طبية، وأن هناك تلميحات وإشارات لمسؤولين قريبين من المواطن من عمد ومعتمدين، ومعاينة قضايا احتكار مواد غذائية واتهامات بتحويل وجهة مساعدات إلى احدى الجمعيات وكانت موجهة إلى مستشفى هو في أمس الحاجة إليها في هذا الظرف الذي لا يمكن لأية مؤسسة صحية أن تفرط حتى في بضعة مليمات.
بالتأكيد أن ما يتناهى إلى أسماعنا هو قطرة من بحر يقبع في أعماقه الفساد ويتحصن فيه الفاعلون فيه، ولكن كما يقال، رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وتكفينا على الأقل بضعة خطوات نحو جحور الفساد ليخرج من داخلها مصاصو الدماء والعابثون بأموال المجموعة الوطنية ومجموع السفاحين قاتلي الأمل والرغبة في الرفعة والرقي قولا وسلوكا.
الحمد لله لقد تهيأ لهؤلاء جميعا أنهم أفلحوا في ذلك، فالحركية الحالية حول الفساد تدفع إلى الأمل حتى وإن كان مشوبا بالحذر وذلك في انتظار سقوط رؤوس الفساد ..فشكرا لك فيروس كورونا لأنك نجحت في غواية هؤلاء، ولقد كانت صنارات صائدي الفاسدين والمفسدين في الماضي تتعمد أن تصيب مرة وتخطئ مرات كثيرة.
ن.ع