عرف كوكب اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بتميزه وتفرده […]
عرف كوكب اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بتميزه وتفرده في عدة مجالات وأيضا بتقاليدها العريقة.
ولكن ليس هذا فقط مايميز هذا البلد شديد الاتطور، فهو متميز حتى في عمليات السرقة.
وهنا نعود بعقارب الزمن إلى 10 ديسمبر عام 1968، تاريخ أكبر وأغرب عملية سطو على بنك في “اليابان” وقام بها شخص واحد، تمكن من سرقة 294 مليون ين، وهو ما يعادل حينها مبلغ 6 ملايين دولار أمريكي.
الجاني المجهول اختفى مع المبلغ الضخم ولم يعثر له على أثر، أما الطريقة فكانت أشبه بحيلة سينمائية متقنة، هذه هي تفاصيلها.
وفي ذلك اليوم، كان أربعة حراس من العاملين في فرع بنك نيهون شينتاكو جينكو الواقع في منطقة كوكوبونجي بطوكيو ينقلون 294 مليون ين في صندوق سيارة خاصة بالمصرف. كان المال مخصصا لأحد مصانع توشيبا، وكان عبارة عن مكافأة شتوية للعاملين في الشركة.
في أحد طرق طوكيو اعترض سيارة المصرف رجل على دراجة نارية رسمية يرتدي زي شرطة طوكيو، مشيرا لها بضرورة التوقف.
سيارة البنك امتثلت للأمر وتوقفت، تقدم الرجل وأبلغ أصحابها بأن الشرطة تلقت بلاغا حول قنبلة فجرها مجهولون في الشقة السكنية لمدير البنك، لافتا في نفس الوقت إلى إمكانية أن تكون قد زرعت في هذه السيارة الخاصة بنقل الأموال عبوة ناسفة أيضا.
طلب الرجل في لبوس “الشرطي” من الحراس الخروج من السيارة، ثم نزل وزحف تحتها للتحري عن وجود متفجرات من عدمها.
بعد ثوان قليلة، تصاعد دخان من أسفل السيارة، وصرخ “الشرطي”، داعيا الحراس إلى الفرار وتجنب موت وشيك فأطاعوا، وهرولوا مبتعدين عن سيارتهم وما تحمله من أموال.
الرجل المجهول سارع هو الآخر إلى الجلوس وراء عجلة القيادة في سيارة البنك، أدار محركها وانطلق إلى جهة مجهولة بالمبلغ الضخم، قبل أن يعي الحراس ما جرى.
أغضبت جرأة السارق المجتمع الياباني المحافظ، أكثر من ضياع مبلغ كبير من المال، وكان هذا الرجل المجهول فيما يبدو على دراية دقيقة بما يجري في هذا المصرف، فقد كان مديره تلقى تهديدات مجهولة المصدر بتعرضه إلى انفجار، كما تبين أن الدراجة النارية المستعمل في عملية السطو ليست للشرطة وأنها سرقت وتم طلاؤها باللون الرسمي الأبيض لتكتمل الخدعة.
الشرطة اليابانية عثرت في مكان العملية على 120 قطعة من الأدلة، وتبين أن معظمها رمي به في المكان عمدا لإرباك المحققين.
التحقيقات شارك بها 170 ألف شرطي قاموا باستجواب 110 آلاف مشبوه، وقاموا بتوزيع 780 ألف رسم تقريبي للجاني في جميع أنحاء البلاد، إلا ان كل ذلك لم يؤد على أي نتيجة.
ظهر مشتبه به رئيس واحد في هذه القضية، وهو صبي من طوكيو يبلغ من العمر 19 عاما. هذا الشاب ابن سائق دراجة نارية في سلك الشرطة. لم يكن هناك دليل ضده إلا شبه بالرسم التقريبي وموته بعد فترة وجيزة من السرقة متسمما بالسيانيد، فيما لم يعثر على الأموال المسروقة.
في عام 1975 بعد مرور 7 أعوام على عملية السطو الفريدة، جرى القبض على صديق لذلك المشبوه الشاب في قضية أخرى، وعلى الرغم من العثور على مبلغ كبير من المال بحوزته لم يستطيع تفسير مصدره، إلا أن الشرطة فشلت في إثبات تورطه في عملي السطو على سيارة البنك، علاوة على ذلك في انتهت نفس العام فترة تقادم الجريمة، وتوقف التحقيق فيها.
الصحافة اليابانية قررت أن تسد عجز الشرطة ودخلت الخط، ونشرت مجلة شوكان هوسيكي في عام 1998 تقريرا ذكرت فيه أنها حلت اللغز، مشيرا على أن صحفييها عثروا على الفاعل وهو يوجي أوغاتا البالغ من العمر 55 عاما، وأن الدليل الدامغ ضده أنه في نفس اليوم الذي حدثت فيه عملية السطو، منح طفلا يبلغ من العمر 10 سنوات ورقة نقدية بقيمة 500 ين!
زوجة هذا الرجل شككت في مثل هذا الاحتمال ووصفته بأنه “أبله يحب اختلاق القصص”، وأيد هذا الرأي آفراد آخرون في العائلة أشاروا إلى أن “أوغاتا” كان اقترض مبالغ من المال منهم في تلك الفترة، وهيهات أن يكون لصا ناجحا!
في ذلك الوقت كان ملف القضية قد أغلق منذ زم طويل بالتقادم، وحتى لو سلم اللص نفسه وقدم أدلة تدينه، لما سُجن. مع ذلك لم يعترف أحد بتلك العملية التي تعد الأكبر والأغرب من نوعها في اليابان ما بعد الحرب العالمية الثانية.
-المصدر: روسيا اليوم-