بقلم : عبد الرؤوف بوفتح
.. صارت الشعوب العربية بلا معنى.
لا حاكم او نظام يحترم أحياءها وحتى أمواتها..او يصون كرامتها وانسانيتها..ويبارك حلم أجيالها ، ويرتّق بؤسها ويأسها.. ويجفّف أغوار نقمتها.
وكل الدساتير التي صاغوها على قياسهم لتغطّي عوراتهم ..ثم اقسموا بالقرآن عليها..
هي بالاساس ذريعة لاستبلاه القطيع وخداعه فصلا فصلا.. وبابا ..بابا. .. بل حرفا حرفا.. هنا..وهناك .
صحيح ان ” مصطفى صادق الرافعي”( يرحمه الله) – زمن الاستعمار الانقليزي لمصر – لجأ مثل جميع الشعراء الى “ميتافزيقيا” التحريض الموزون والمُقفّى ، وكتب قصيدته المشهورة التي اصبحت عندنا في تونس، فيما بعد، نشيدا وطنيا :
حماة الحمى يا حماة الحمى..
هلمّوا هلمّوا لمجد الزمن
لقد صرخت في عروقنا الدماء
نموت نموت ليحيا الوطن..
ولكن هذا الاستهلال المتوهج، لم يعد يعني شيئا الان..بل لم يعد قادرا على استنهاض همّة نملة..بعد الذي راته الشعوب العربية في زمننا هذا ، من المحيط الى الخليج..من تنكيل ..وتفقير .. وتهميش ..وفساد وانحراف وخيانة حكامها لنضالات ودماء الملايين ممن دفعوا حياتهم في سبيل عزة واستقلال ومجد اوطانهم ..ومهرا لكي تنعم الاجيال اللاحقة بالحرية والرخاء والعدل
والطمأنينة.
لماذا..؟
ببساطة .. لان المستعمر رحل الى ما وراء البحر..ثم عاد في الكتب والافلام الملونة..والانترنيت وشِعابها ..ولافتات الدعارة ، وأكاذيب حقوق الانسان ، والديمقراطية حتى صرنا من حيث لا ندري نطلق الرصاص على أقدامنا
ونتدافع ونتقاتل ونخرّب اوطاننا من أجل لا شيء..وحول بحيرات الملح..
انّ مقاومة هذا المستعمر/ الشبح الجديد لم تعد تستدعي الموت مرة اخرى.. حتى وان صاغوا لها نشيدا بماء الذهب وتحت ايقاع نحاسي ملتهب.
انّ حناجر الشعوب العربية اليوم.. صارت جافّة مجروحة.. وكأنها تغرغر الزجاج المكسور.. ولا هتافات لها اليوم الا : ” بالخبز الحافي” على الأقل..وعلى رأي الكاتب المغربي ” محمد شكري”.. ولا حاجة لها :
بأهزوجة المتقارب : لِيَحْيا الوطن..؟! ..لان. حياة الأوطان في حياة شعوبها وتجدد أجيالها ورخائها..!
– حين يخسر الواحد منّا حياته ..وقبل ذلك يكتنفه اليأس العظيم من كل شيء..
من يضمن له انّ الجنّة التي
أسسّوها لحمل الناس على الطاعة ، سوف تكون هي ايضا جمهورية الفرح والطمأنينة للبشرية جمعاء ..!