بقلم :علي الجليطي
قرات لكم مؤخرا كتابا لفه محمد كمال قرداح بعنوان مصطفى بن اسماعيل راسبوتين باردو (دار تونس للنشر 2017)
هذا الرجل فقد رجولته من البداية الى النهاية. كان سنة 1850 مجهول المصدر ومقطوع الشجرة ثم خليلا للصادق باي قبل ان يرتقي في المناصب الى ان بات مشرفا على ادارة قصر باردو وعاملا (واليا) على الوطن القبلي.
وكانت نفس مصطفى بن اسماعيل تواقة الى منصب الوزارة وحتى الوزارة الكبرى بل وحتى ولاية العهد. وبعد تخلصه من الخزندار استرضاه الباي بحمل طابعه وعينه وزيرا للبحرية سنة 1873 ثم وزيرا أكبر سنة 1878. فلم يتردد بعد مدة من الاستيلاء على ما بيد الباي من الاموال بعد أن استحوذ على قلبه وسمعه وبصره. وساقه الطمع فاستولى على دار الباشا وشيد بها دارا من افخم ديار الملوك وجهزها بجميع النفائس اللائقة بالملك..وانتهك قصر الخزندار بالحلفاوين بعد كسر اختامه ورفع ما به من التحف الثمينة دون استئذان من الباي.
ولم يكتف بذلك فاختلس طواقم من الأواني الفضية التي جمعت على مدة مائتي سنة ونفائس من الأثاث من قصر السعيد ودار الباي الكبرى وساقها الى داره بتونس. وهكذا بعد أن وضع يده على جميع خزائن امراء تونس خلت قصور الدولة مما كان بها من أجود النفائس.
وذهب في ظن بن اسماعيل ان ما اختزنه من أموال مسروقة ومغتصبة من املاك الدولة والبايات والامراء والأهالي وما قبضه من رشاوى من تونسيين واجانب تكفيه بالعيش في كل أرض..غير ان الايام دارت عليه فتم عزله سنة 1881 فهرب الى فرنسا بما طاب في نفسه من وثائق ومخطوطات ومصوغ ثمين وتحف نفيسة آملا ان يعود يوما الى تونس لاسترجاع الحكم .
وعندما طالت به المدة وذهب جانب كبير من أمواله تيقن ان ورقة فرنسا سقطت من يده وأنه لم يكن سوى ألعوبة بين يديها فركب البحر قاصدا اسطنبول للعب ورقة تركيا. وهناك ضاقت به الدنيا قبل ان يستسلم لقدره المحتوم سنة 1909 فمات وحيدا شريدا كما ولد … ودفن مع الغرباء بدون اسم ولا مشيع ولا شفيع.