وطنية: يعرف شهر جانفي في تونس بشهر التحركات الاحتجاجية ، فأغلب التحركات تنطلق في ذلك الشهر زعادة ما تكون بوتيرة متسارعة.
يعرف شهر جانفي في تونس بشهر التحركات الاحتجاجية ، فأغلب التحركات تنطلق في ذلك الشهر وعادة ما تكون بوتيرة متسارعة. مؤذنة بشهر ساخن اجتماعيا.
أول تحرك في شهر جانفي 2024 ،سيكون يوم 4 من نفس الشهر. إذ أكدت الجامعة العامة للتعليم الأساسي في بيان صادر اليوم الجمعة 29 ديسمبر 2023 أن حاملي الإجازة التطبيقية قرروا تنفيذ وقفة احتجاجية وطنية يوم 4 جانفي 2024 سيتم العمل على إنجاحها وذلك بالتعبئة والتأطير والمصاحبة ضمانا لكافة شروط وقفة مدوية تنهي صمت الوزارة المطبق وتجاهلها لحقوق منظوريها وتضع حدا للتنكيل الذي اتخذت منه نهجا في التعامل مع القطاع.
وبينت الجامعة العامة في بيانها انه لم يتوقف نزيف التراجعات وتجاوز النصوص الترتيبية والتعاقدية والإيغال في تسميم المناخ الاجتماعي عبر رفض التفاوض جملة وتفصيلا حيث تحول إلى سياسة باتت أبرز الخصائص المميزة لهذه الوزارة التي لم تقم وزنا لأهمية الحوار في تسوية النزاعات وفض المعضلات . كما لم تهتم حسب البيان ولو بمقدار ذرة لأبسط الحقوق المكفولة بمقتضى القوانين الوطنية والتي تشكل في المنظومة التشريعية الدولية مقومات أساسية للكرامة .
و افاد البيان أن الوزارة، بعد أن نكلت بكافة شرائح القطاع مستغلة كل المداخل لإقرار الفوضى معطى قارا في المشهد التربوي العام مثل الترقيات ( مسار علمي – مسار مهني ) والمنح ( العودة – الريف ) والمديرين ( الإعفاءات – الحرمان من منحة العودة للمباشرين للتدريس ) واقتطاع الغيابات الشرعية، والشروع في ضرب مهمة مساعد المدير, وقانون الإطار وما تسبب فيه من إقصاء للنواب وحرمانهم من حقهم في الحياة ها هي اليوم تميط اللثام عن حقيقة موقفها من المنظومة التربوية التي تقتضي إصلاحا جذريا ينبغي أن يشكل أولوية الأولويات وذلك بالحرص على استغلال حاملي الإجازة التطبيقية في التربية والتعليم استغلالا بلغ حد تشغيليهم دون عقود ما يثبت مرة أخرى استهتارها بالقوانين النافذة ونزوعها إلى التشفي من الجميع عبر تدابير لا تنم إلا على التمسك بالاستثمار في العدمية التي بلغت مبلغا غير مسبوق .
وبينت الجامعة العامة للتعليم الأساسي صعوبة الوضعية التي تحاول الوزارة فرضها على حاملي الإجازة التطبيقية وهو اسلوب مرفوض ولا يمكن أن يستمر الوضع كما هو عليه فالعلاقة الشغلية لا يثبتها الا عقد رابط بين طرفيها أجير ومؤجر, يحدد ويضبط حقوق وواجبات الجهتين, وفي غيابه باب مفتوح على مصراعيه أمام هضم الحقوق وممارسة التعسف والصلف. و تمت مطالبة وزارة التربية بشرعنة العلاقة الشغلية مع حاملي الإجازة التطبيقية من خلال عقد عمل مضبوط المدة يفتح على آفاق مكرسة للديمومة والاستقرار ويضمن الحق في التغطية الاجتماعية و ينجز تحت مظلة الحوار الاجتماعي كما يحدد المستحقات المالية ( مقدار الأجر – المنح المرتبطة بممارسة الوظيف ).
ووفق موقع مراسلون فان شهر جانفي في تونس هو الشهر الاسخن كما قدمه لهم الأستاذ علية العلاني في الرزنامة التالية:
يوم 20جانفي 1946 أي قبل استقلال تونس ب 10سنوات، تاسس الاتحاد العام التونسي للشغل كاتحاد جامع لاتحاد النقابات العمالية الجهوية.
وعرفت هذه الفترة من تاريخ تونس مواجهات مع قوات الاحتلال الفرنسي وحراك وطني من اجل نيل الاستقلال قادها الحزب الحر الدستوري وزعماء الحركة الوطنية الذين اضطروا الى الخيار المسلح بعد قرار الرفض التام لمطالبهم الوطنية من قبل السلطات الفرنسية وإقرار فرض شرط ازدواجية السيادة على البلاد التونسية.
يوم 18جانفي 1952 تاريخ اعلان الثورة المسلحة التي تطوع لها حوالي 3500 شخص أطلق عليهم فيما بعد اسم “الفلاقة”.
جانفي 1963 له رمزيته أيضا وخاصة عند المناضلين الأوائل وسكان جنوب البلاد”. ويضيف الأستاذ علية عميرة بان “شهر جانفي 1963 شهد محاكمة عسكرية لمجموعة الازهر الشرايطي التي حاولت الانقلاب على نظام الحكم. وتم بمقتضاها اعدام 13 شخصا منهم 7 عسكريين و6 مدنيين”.
26 جانفي 1978 هي ذكرى رسخت في اذهان التونسيين خاصة منهم النقابيون والطبقة الشغيلة لأنها تذكرهم بأبرز ازمة حدثت بين اتحاد الشغل والنظام الحاكم وبمشاهدة الجيش لأول مرة في تاريخه ينزل الى الشوارع.
في ذلك اليوم الذي سمي “الخميس الأسود” عمت المسيرات والمظاهرات جميع جهات البلاد خاصة العاصمة وكانت المواجهات عنيفة ودامية اسفرت عن سقوط 52 قتيلا و365 جريحا حسب الاحصائيات الرسمية في حين أفادت تقديرات مستقلة بان الضحايا وصل عددهم الى حوالي 400 قتيل وأكثر من 1000 جريح.
احداث جانفي 1978 نتج عنها اعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال بالعاصمة واحوازها لمدة قاربت الثلاثة أشهر وكذلك القاء القبض على أكثر من 700 نقابي وتعذيبهم الى حد موت بعضهم ومحاكمتهم في محاكم امن الدولة على غرار رئيس الاتحاد الحبيب عاشور الذي حكم عليه ب 10سنوات سجن مع الاشغال الشاقة وتم تنصيب قيادة لاتحاد الشغل موالية للدولة.
جانفي 1980 عملية قفصة المسلحة: في الليلة الفاصلة بين 26 و27 جانفي سنة 1980 قامت مجموعة مسلحة من المعارضين تتكون من 60″كومندوس” ينتمون إلى فصائل معارضة ذات توجه قومي عروبي يقودهم القائد السياسي عز الدين الشريف وأحمد المزغني القائد االعسكري بالهجوم على مدينة قفصة الجنوبية في محاولة للسيطرة على ثكنة الجيش ومراكز الأمن وتشجيع السكان على التمرد وحمل السلاح.
المحاولة باءت بالفشل وتم القضاء على عدد من أفراد المجموعة ومحاكمة البعض الآخر وتسببت هذه الأحداث في توتير العلاقات بين تونس والجارة الجنوبية ليبيا بعد أن تم اتهام النظام الليبي ومعمر القذافي بالمساهمة في التخطيط والمساندة على خلفية إلغاء اتفاقية الوحدة بين ليبيا وتونس التي تم توقيعها في 12 جانفي 1969
جانفي 1984 انتفاضة الخبز: سميت هذه الأحداث بأحداث الخبز لأنها جاءت بعد إقرار النظام الحاكم لقانون الترفيع في أسعار الخبز والفارينة ومشتقاتها .وبدخول هذا القرار حيز التنفيذ في 1 جانفي 1984 امتدت الثورة –التي كانت شرارتها الحقيقية يوم 29 ديسمبر 1983 من مدينة دوز بالجنوب التونسي -إلى مدنين وقفصة وقابس ثم الى مدن الشمال الغربي والوسط الغربي فالعاصمة. وكانت هذه الانتفاضة والمواجهات دموية وأسفرت عن حوالي 51 قتيل والعديد من الجرحى. وشارك في هذه الانتفاضة أعداد غفيرة من الطلبة والتلاميذ والنشطاء المدنيين والحقوقيين والسياسيين وتم اغتيال الناشط اليساري الفاضل ساسي أمام منزله يوم 3 جانفي .وكالعادة التجأ النظام إلى استدعاء القوات العسكرية ونزلت الدبابات إلى الشوارع ووقع فرض عطل قسرية بالجامعات والمؤسسات التربوية من 4 إلى 7 جانفي 1984 ولم يستقر الوضع إلا بعد تدخل الرئيس الحبيب بورقيبة في خطاب شهير وتاريخي معلنا عن التراجع عن قرار الزيادة في أسعار الخبز وإعادة النظر في الميزانية الجديدة في مدة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر مع مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية للمواطن وعدم تحميله أعباء تدهور الاقتصاد.
جانفي 2011 الثورة التونسية وانطلاق الربيع العربي
انتظر الشعب التونسي في هذه المرة حوالي 25 سنة ليعيد الكرة في جانفي 2011 مناديا بنفس المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي كان أهمها مطلب التشغيل والتنمية بالجهات الداخلية ولكن في هذه المرة بأكثر وعي ونضج وبأساليب جديدة كان أهمها وسائل الاتصال الحديثة (الأنترنانت والهواتف الرقمية).
ولم تمنع الخطابات التطمينية للرئيس بن علي ولا وعوده التصبيرية ولا آلات دولته القمعية ولا مناوراته السياسية من السقوط بل اضطرته المظاهرات الجماهيرية التي حاصرت نظامه المتهاوي في كل مكان إلى مغادرة البلاد يوم 14 جانفي 2011 تاركا البلاد لمصيرها الجديد الذي لم يمنع شهر جانفي من فرض رمزيته في كل مرة سنحت الظروف والسياقات بذلك.
وقد شهد جانفي 2014 احتجاجات كبرى ضد مشروع الميزانية ورفضا للتعويضات المالية التي أقرتها حكومة الترويكا لمساجين العفو التشريعي ضمن ما يسمى ب «صندوق الكرامة” والذي خصصت أغلب التعويضات فيه لأنصار حركة النهضة.
جانفي 2016 جدت احتجاجات ومظاهرات في عديد المدن المهمشة (مدن الجنوب والشمال الغربي والوسط الغربي وأحواز المدن الكبرى) كان عنوانها خاصة في جانبها السلمي المطالبة بوقف التهميش الجهوي والتمييزيين المناطق وبالتشغيل والحد من غلاء المعيشة.
وكانت ظروفها نفس الظروف التي أدت إلى كل الثورات السابقة. البطالة والفقر والتهميش وانعدام التوازن الجهوي وانسداد الأفاق أمام الشباب وارتفاع الأسعار الجنوني.