تونس الآن لا جدال في أن العاطلين ركيزة من الركائز […]
تونس الآن
لا جدال في أن العاطلين ركيزة من الركائز الأساسية التي قامت عليها الثورة منذ عشر سنوات مضت، فشعارات كالتشغيل استحقاق ولا للبطالة والمحسوبية نجحت في الإطاحة بنظام سابق من أجل غد أفضل يقطع مع الماضي. ولكن لسائل أن يسأل، ما الذي تغير منذ جانفي 2011 وإلى اليوم، هل هناك أثر لتلك الشعارات على أرض الواقع؟ هل تراجعت البطالة؟ في الحقيقة الواقع مغاير تماما، فنسب البطالة تفاقمت والمحسوبية تفشت، وحصد العاطلون الشوك في حين قطف آخرون ثمار هذه الثورة.
لكن يبدو أن الشوك طال حتى أصحاب رؤوس الأموال من تجار ومهنيين وغيرهم ممن ينشطون في قطاعات أخرى.
وعندما نقول رأس المال فإننا لا نفرق بين من يملك الف دينار ليشتري به بضاعة ليبيعها على قارعة الطريق او في سوق شعبي او بين الذي يملك محلا تجاريا بمئات الاف من الدنانير او مشروعا يكلفه الكثير..جميع هؤلاء تضرروا من القرارات الجائرة للدولة ومن عدم مرافقتها لهم في ازمة طالت كثيرا ومن جباية مسلطة على رقابهم لا ترحم أحدا
ويبدو ان القطرة التي افاضت الكاس هي قرارات التحجير الصحي التي أتت غير مدروسة ومستعجلة لم تراعي استثمارات هؤلاء والنتيجة انهم لم يتوانوا في التمرد على الدولة علنا على مرأى ومسمع الجميع وضربوا قرارات الحكومة عرض الحائط. فأي دولة هذه التي يعلن فيها العصيان على قرارات حكومة في ظرف استثنائي ودقيق كالذي نمر به اليوم، فإقرار الحجر الصحي الشامل قوبل باستهتار ولا مبالاة ويمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك، فاتحادات جهوية لتجار ومهنيي عدة قطاعات أعلنوا في بيانات رسمية ومختومة التمرد صراحة على هذا القرار ومواصلة نشاطهم رغما عن أنف الحكومة بلغ الأمر حتى الدعوة للعصيان المدني..
فأي هيبة دولة نتحدث عنها بعد كل هذا؟ فمن أول أيام الحجر الصحي الشامل وإلى هذه الساعة الحركية عادية في أغلب الولايات.. المحلات التجارية مفتوحة والمقاهي تعجّ بمرتاديها وكذلك الأسواق الأسبوعية.. وفي نهاية المطاف من سيتحمل مسؤولية ذلك.. طبعا المواطن.
والنتيجة أن الأمور خرجت من سيطرة الحكومة التي لم تعد تتحكم إلا على طريق المرسى وشارع الحبيب بورقيبة والطريق الشعاعي ايكس، ويبقى السؤال هل لا يزال لهذه الدولة هيبة أم أن صراع القوى السياسية حوّلها “خيشة مسحان”.