تونس الآن اتجهت الأنظار إلى الرباعي الراعي للحوار والحائز على […]
تونس الآن
اتجهت الأنظار إلى الرباعي الراعي للحوار والحائز على جائزة نوبل منذ دخول البلاد في الازمة السياسية الأخيرة والتي ارتبطت بـ 25 جويلية 2021 وما تبعه من مراسيم وقرارات، علّ طوق النجاة يتوفر للبلاد عبر هذا الرباعي مرّة أخرى تخرج بواسطته إلى برّ الأمان. ولكنّ الواقع أفرز أوضاعا مختلفة داخل المنظمات الوطنية حال دون أن تلعب الدور المنتظر منها إما لاختلاف قراءاتها ومواقفها من الوضع السياسي أو لإشكاليات داخلية عطّلت ديناميكيتها المعهودة.
وكان سعيّد قد استقبل في لقاءين منفصلين كلّ من أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول والثابت أن الموضوع الرئيسي للقاءين كان الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة وموقفي المنظمتين منها.
ولئن بدا اللقاءان بديهيين ولابدّ منهما خاصة أن تأمين الاتفاق مع المنظمتين يعتبر من أهمّ شروط نجاح أي مبادرة قد يمضي فيها الرئيس، إلا أن الغريب هو أن رئاسة الجمهورية تعمّدت عدم الاعلام عن اللقاءين ومخرجاتهما بما قد يوحي بحجم البون في المواقف بينهما من ناحية وبين ما يطرحه رئيس الجمهورية.
في المقابل أكّدت صفحتا المنظمتين على “فايسبوك” اللقاءين، واكتفى اتحاد الأعراف بالقول أنه مثّل مناسبة للتداول بخصوص الشأن الاقتصادي والاجتماعي وهو عكس ما ذهب إليه الطبوبي الذي أشار سواء في تصريحاته إثر اللقاء أو خلال الهيئة الإدارية للاتحاد التي انعقدت أمس بأن الاتحاد لا يرى في ما يطرحه الرئيس حوارا من شأنه الخروج بالبلاد ممّا تمرّ به اقتصاديا واجتماعيا وأن قرار المشاركة فيه من عدمها يبقى لهياكل الاتحاد وسلطات قراره والتي قرّرت بدورها لاحقا عدم المشاركة.
فهل أن الاختلاف في تصوّر هيكلة وغايات الحوار وعدم ضمان مشاركة الاتحاد فيه دفعت برئاسة الجمهورية إلى التعتيم عن اللقاء وعدم نشر بلاغ بخصوصه، أم أنها مناورة مقصودة من رئيس الجمهورية يروم عبرها انتظار الموقف الرسمي للاتحاد بعد انعقاد هيئته الإدارية ليعدّل من مواقفه ومن رؤيته للحوار والتي كانت ترتكز خاصّة على المنظمات، من أجل إضفاء بعض الشرعية عليها، لاسيما في ظلّ غلبة الفكر الرافض للأحزاب والذي يميز المجموعة السياسية والايديولوجيا المقرّبة من سعيّد.
وبمجرّد الإعلان عن رفض اتحاد الشغل المشاركة في الحوار الذي ستحتضنه الهيئة الاستشارية سارعت أحزاب الدعم المطلق للرئيس بتعديل المواقف خاصّة المتمترسة تاريخيا وفكريا وراء الاتحاد على غرار حزب تونس إلى الأمام وحليفه التيار الشعبي اللذان يشكّلان معا جبهة سياسية مارست الدعاية لأفكار وتصورات الرئيس منذ 25 جويلية.
رابطة حقوق الانسان بدورها رغم تناقض المواقف داخل قيادتها بخصوص الحوار والهيئة الاستشارية أعربت في بيان لها أمس عن قبولها مبدأ المشاركة واضعة شروطا لذلك ستكون أهم المحاور التي ستجمع رئيسها اليوم برئيس الجمهورية لتأكيد المشاركة أو رفضها وفقا لمرونة التعامل مع تلك الشروط.
الوضع مختلف في هيئة المحامين فقد سارع العميد إبراهيم بودربالة أياما قليلة بعد 25 جويلية إلى بسط سجّاد الولاء والطّاعة لكل ما يصدر عن رئيس الدّولة من مراسيم وقرارات لينتهي به الأمر رئيسا للجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالهيئة الاستشارية ضاربا عرض الحائط بمقرّرات ومخرجات هياكل الهيئة الوطنية للمحامين التي لا يختلف موقفها من الحوار عن موقف اتحاد الشغل ولا تراه إلا عملا متعجّلا لن يؤدي إلى حلول ومسبق الاعداد ولن تكون المشاركة فيه إلا تزكية لمسار لم ينتفع منه التونسيون قيد أنملة.
هذا الواقع يبيّن حجم التشظي داخل المنظمات الوطنية الحائزة على جائزة نوبل ويؤكّد أن لا سبيل على الأقلّ اليوم إلى وجودها مجتمعة في مسار واحد بما يمكّن من المراهنة عليها كمنقذ أو كجهة مؤثّرة قد توجّه الحوار إلى المحاورة المرجوّة منه خاصة في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
حمزة حسناوي