صدر بالرائد الرسمي الاخير مرسوم يتعلق بجواز التلقيح الخاص بفيروس […]
صدر بالرائد الرسمي الاخير مرسوم يتعلق بجواز التلقيح الخاص بفيروس كورونا والذي يتعين الاستظهار به عند ولوج الاماكن العامة مُرتّبا عقوبات على المخالفين تشمل تعليق العمل وغلق المحلات المخالفة.
مرسوم جعل من تلقّي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إجباريا لجميع التونسيين، دون استثناء، من خلال وجوب الاستظهار بجواز التلقيح لولوج الفضاءات العامة أو للتمكن من العمل في القطاعين العام والخاص، في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون اختياريا خاصّة مع موجة الرفض التي تلاقيها هذه التلاقيح من طيف واسع من الناس في تونس وفي العالم ولكلّ حججه ومبرراته.
والمثير للانتباه في هذا المرسوم هو ما ينصّ عليه فصله السادس الذي يقرّ بأنه يترتب على عدم الاستظهار بجواز التلقيح تعليق مباشرة العمل بالنسبة لأعوان الدولة والجماعات المحلية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية وتعليق عقد الشغل بالنسبة لأجراء القطاع الخاص وذلك الى حين الادلاء بالجواز مشيرا الى ان فترة تعليق العمل او عقد الشغل تكون غير خالصة الاجر.
ويوضح نصّ الفصل المذكور المرسوم الى انه تتم اثارة التتبعات التأديبية ضد الاعوان المخالفين وفق التشريع الجاري به العمل. كما ينص على انه يمكن للوالي المختص ترابيا ان يتخذ في صورة معاينة اي اخلال في تطبيق منع الدخول الى الفضاءات والاماكن التابعة للقطاع الخاص قرارا بالغلق الوقتي للفضاء او المكان الذي ارتكب المخالفة وذلك لمدة اقصاها 15 يوما مستثنيا المؤسسات الصحية من قرار الغلق.
قد لا تختلف الصورة كثيرا عن قوانين المرور، أو عن قواعد تسيير الآلات في المعامل والمصانع، فما أشبه أن يضطر المواطن إلى الاستظهار بجواز تلقيح ليتمكن من ممارسة أبسط حقوقه الدستورية ألا وهو العمل بالقوانين التي تفرضها الدولة على جولان السيارات من وجوب اجراء الفحص الفني وخلاص المعاليم الجبائية المستوجبة.
اللافت أيضا أنّ هذا المرسوم، جاء في وقت انتفضت فيه عديد الشعوب في العالم ضدّ قرارات مماثلة بإجبارية تلقي التلاقيح ضد فيروس كورونا، في فرنسا وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة وغيرها، مما أضطرّ حومات تلك الدول إلى تعديل قراراتها إيمانا منها بأنها لم تراع الحقوق الأساسية لمواطنيها عند اتخاذها، وعملت على إعداد بدائل تراوح بين الضرورة الصحية والمبدأ الحقوقي المحدّد في سياساتها.
أيضا، يأتي مرسوم رئيس الجمهورية بينما تتجه كل المؤشرات الصحية المرتبطة بكوفيد 19 في تونس نحو التحسّن وفقا لتصريحات أعضاء اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا الذين أقروا بتجاوز نسبة المناعة الجماعية في تونس حاجز الـ60% بعد تلقّى ما يقارب 5 ملايين تونسي للتلاقيح فضلا عن الذين سبق لهم الإصابة بالفيروس وهو ما يضع ما نصّ عليه هذا المرسوم موضع تساءل بل وحتى انتقاد.
ويشار هنا، إلى أنه سبق أن تمّ تداول بعض الأخبار والتسريبات التي تفيد باعتزام السلطات التونسية سنّ قرار بإجبارية تلقي لقاحات كورونا منذ موفى شهر سبتمبر المقبل وهو ما سبّب أنداك حالة من الرفض لدى بعض التونسيين، الذين تجمّع بعضهم يوم السبت 9 أكتوبر 2021 أمام مقر وزارة الصحة رافعين شعارات عبروا من خلالها عن رفضهم تلقي تلقيح كورونا بصفة إجباريّة.
القاعدة في المسألة هي عدم الإجبار وترك الحرية للمواطن في قبول تلقي التلقيح من عدمه في كنف احترام الحقوق والحريات الشخصية لكل فرد في المجتمع، وفي المقابل ما على الدولة بأجهزتها المتعدّدة إلا أن توفر الفضاء الجامع والقوانين والتراتيب التي تمكّن كل التونسيين من ممارسة حرياتهم وخاصّة عملهم دون أي إشكاليات، لا صحيّة ولا جزائية.
جواز التلقيح لا يجب أن يتحوّل بأي حال من الأحوال إلى واش بصاحبه وأن يظلّ استعماله الوحيد والمؤقت فيما يتعلّق باعتماده شهادة على تلقى التلقيح فحسب ولا يكون بابا للاطلاع على أي معطيات تتجاوز هذه الغاية.
حمزة حسناوي