تونس الان وانطفأت صحيفة الانوار قيدومة دار الانوار والتي سميت […]
تونس الان
وانطفأت صحيفة الانوار قيدومة دار الانوار والتي سميت الدار باسمها..
انطفأت بعد 41 سنة من العطاء المتواصل، ولا زلت أذكر انطلاقتها الأولى بشقة بإحدى الشوارع المتفرعة عن شارع بورقيبة حيث كان العمل فيها دؤوبا وكان المرحوم صلاح الدين العامري بمعية كل من سعيدة العامري في الإدارة وحسن حمادة وعمر الطويل والطالب آنذاك فيصل البعطوط في التحرير يعملون ليلا نهارا لإصدار اعدادها الأولى يوم كان للصحافة الورقية وزن وصيت وحضور.
لن نعدد الصحف التي انطفأت بل دعونا نحصي ما تبقى منها والذي لا يتجاوز عدد اليدين الاثنين.. فقط أربع مؤسسات إعلامية تصدر اليوم صحفا ورقية يومية واسبوعية وهي دار الانوار بالشروق ولوكوتديان ودار الصباح بالصباح ولوتون ودار لابريس بلابراس والصحافة ودار المغرب بالمغرب وأخيرا دار الاخبار التي تصدر صحيفتين أسبوعيتين الاخبار وتونس هبدو.
ثماني صحف وقليل من المجلات لـ12 مليون ساكن بالكاد تطبع مجمّعة بضع العشرات من الاف النسخ والتي لن تبلغ الخمسين الفا في افضل الحالات اما حصص البيع فهي الأسوأ في تاريخ الصحافة الوطنية.. وحتى الدولة التي تخصص سنويا 3 مليون دينارا لاقتناء الصحف بالكاد تنفق مئات الاف من الدنانير بعد أن تملصت من كل تعهداتها.
صحيفة الانوار لن تكون الأخيرة فالغلق يهدد صحفا أخرى في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج وندرة البيع وضعف الاشهار وتراكم الديون الى حدود يصعب فيها الإنقاذ…والغلق يهدد كذلك الصحافة المكتوبة الرقمية فاتحا الباب على مصراعيه للقوى الخارجية ممثلة في الفايس بوك وتوابعه لتشكل رأيا عاما جديدا بلا هوية ولا لغة ولا ثوابت ولا اخلاق.
كل ذلك والدولة صامتة وكأنها تتلذذ لما يحدث فلا هي عالجت فوضى وسائل التواصل الاجتماعي ولا هي ساندت الصحافة الوطنية الجادة.. وخوفي كل الخوف انه خلال سنوات قليلة جدا ستجدون صحفيين بلا صحافة ولا صحف.
كان الله في عون سعيدة العامري التي تناضل من اجل الحفاظ على رسالة الراحل صلاح الدين العامري وكان الله في عون اخينا محمد ين يوسف الذي يرى جهد نصف قرن يتلاشى وكان الله في عون متصرفي المؤسسات العمومية والمصادرة المكلفين بمهام مستحيلة وكان الله في عون الصحفيين الذين توقف قطارهم في نصف الطريق.
حافظ