ضمن الوثائق التي كان نشرها موقع “ويكيليكس” عام 2011 التقرير […]
ضمن الوثائق التي كان نشرها موقع “ويكيليكس” عام 2011 التقرير الخاص الصادر عن قسم الشرق الادنى للشؤون الخارجية الأمريكية، ويمكن إدراجه تحت عنوان ” الولايات المتحدة..النظام التونسي قريب منا وبعيد عنا في نفس الوقت “.
و تعتبر هذه الوثيقة أهم وثائق “وكيليكس” حول تونس، نظرا لتناولها العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها التقليدي نظام زين العابدين بن علي وتفكير الإدارة الأمريكية في تنفيذ أجندتها بتغيير النظام .
وقد كُتبت هاته الوثيقة باسم قسم الشرق الأدني للشؤون الخارجية الأمريكية، وشاركت في إعدادها عدّة أطراف في الإدارة الأمريكية ، وكانت في مرحلة تسمية السفير غراي ، ودونت من قبل السفير الأسبق روبير غوديك ، وهو تقرير تقييمي نادر بأعين أمريكية للنظام التونسي ، و تقييم سياسي بامتياز يقوّم نقاط القوة والضعف في النظام التونسي ، وكذلك العلاقات الثنائية التونسية الأمريكية.
وفيما يلي أبرز ما ورد في الوثيقة:
– بكل المقاييس فان تونس يجب أن تكون حليفا قريبا وقويا لنا ولكنها ليست كذلك، ففي الوقت الذي نشترك في القيم الأساسية، والبلد يتمتع بسجل قوي في التنمية ، ولكنه يشكو من مشاكل كبيرة ، والرئيس بن علي يتقدم به العمر كثيرا ، والحال أن التصلب والتحجّر أصبح سمة أصيلة للنظام ، وفي نفس الوقت ليس هناك خليفة له في الأفق .
يشعر الكثير من التونسيين بالإحباط من فقدان الحرية السياسية، وبالغضب من فساد العائلة الأولى (الحاكمة)، وبسبب النسبة العالية للبطالة والتفاوت في حظوظ التنمية بين الجهات. ويمثّل التطرف تهديدا مستمرا كجزء من مشاكل عويصة ومركّبة، في حين أن الحكومة التونسية ليس لديها قابلية لسماع النصح أو النقد سواء من جهات وطنية أو دولية. وفي المقابل تسعى السلطة التونسية باستمرار لفرض سيطرة أكبر علي كل الفضاءات، وتعتمد في ذلك في معظم الحالات على الوسائل البوليسية. ونتيجة لذلك فان الدولة التونسية أصبحت تشكو من مشاكل عميقة وخطيرة، وكذا الحال علاقاتنا الثنائية.
– خلال السنوات الثلاثة الماضية، تجاوبت البعثة الأمريكية بتونس من خلال عرض تعاونا أكبر مع الدولة التونسية، وقد عبّر النظام التونسي أنه يريد ذلك ، لكنه عمليا لا يريد أن يقوم بالتغييرات الضرورية الملازمة لذلك .
لقد حققنا بعض النجاحات وخصوصا بالنسبة لما تحقق من دعم في المجالات التجارية والعسكرية. الا أنه هناك العديد من الإخفاقات كذلك. حيث أن حركتنا السياسية حُددت في جزئها الأكبر من قبل وزارة الخارجية (في فترة عبد الوهاب عبد الله) التي تسعى للسيطرة على كل الجهات التي نتصل بها، سواء في داخل الحكومة أو من قبل منظمات أخرى كثيرة غير حكومية.
وفي أغلب الأحيان فان الحكومة التونسية تخيّر حديث السراب بديلا عن العمل الجاد لتحقيق التعاون والتفاعل المسؤول
– وبالاضافة للحديث مع الحكومة التونسية ، فاننا نحتاج للتفاعل مباشرة مع كل مكونات الشعب التونسي وخصوصا شريحة الشباب . والسفارة بصدد توظيف الفايسبوك كوسيلة تواصل واتصال معهم .
بالاضافة لمدونة السفير الأمريكي والتي تمثل مهمة جديدة لنا ، وقد نجحت في جلب انتباه التونسيين .
وفي السنوات القليلة الماضية ، استطاعت السفارة الأمريكية الترفيع في كم التواصل مع الشباب التونسي من خلال اقامة الحفلات والمهرجانات السينمائية ونشاطات أخرى .كما أن المركز الإعلامي للسفارة وقسم “الزوايا الأمريكية” تمثلان وسائل لها شعبية لدى التونسيين من أجل حصولهم على الاعلام والمعلومة الغير مصنصرة في تونس (من قبل النظام التونسي) ولذا علينا ان نواصل ونزيد من مثل هذه البرامج .
وكذا العمل على تحقيق أهم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية والتعاون الأمني.
– ان التغيير الكبير(السياسي) في تونس يجب أن يترقب حتى رحيل بن علي، إلا أن الرئيس أوباما وسياساته الجديدة أوجدت فرصا مهمة الأن.
– يجب علينا أن نتبع طرقا جديدة من أجل تحقيق تفاعل أفضل للنظام التونسي معنا، ومن أجل تجسيد أجندتنا الواسعة لسياساتنا الخارجية. ونعتقد أن الحكومة التونسية سترحّب بهذا النوع من التفاعل والالتزام معنا، وبذلك سنحقق النتائج المرجوة: التي لا تنحصر في العلاقات الثنائية فقط بل كذلك في القضايا الدولية. وعلى سبيل المثال، يجب الاستمرار في الاعتماد على دعم الحكومة التونسية لمجهوداتنا لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وبين الاسرائيليين والبلدان العربية.
وبالرغم من أن تونس لها تأثير محدود داخل الجامعة العربية لكنها مستمرة في بقائها ضمن معسكر الاعتدال، مثلما برهنت على ذلك أخيرا حينما رفضت المشاركة في قمة الدوحة الاستثنائية بخصوص الوضع في غزة . وفي الوقت المناسب سنوصي بمزيد القيام بوضع الحكومة التونسية في الصورة ، حول مجهوداتنا ضمن عملية السلام ليقدموا مزيدا من الدعم لسياساتنا (في الصراع العربي الإسرائيلي) .
– ان تونس اليوم ليست حليفا ، ولكننا ما زلنا نشترك معها في قيم وتاريخ هامين .ومن الانصاف ، اعتبار السلطة التونسية صديقة بالرغم من أنه يجب أن نكون حذرين في ذلك ، لأنها قريبة منا وبعيدة عنا في نفس الوقت ، فهي يمكن أن تكون قريبة منا في مسألة وبعيدة عنا في أخرى وفي الختام فالتغيير الهام جدا في تونس عليه أن يترقب لحين ذهاب بن علي . لكن سياسات وطبيعة تناول الرئيس أوباما الجديدة يمكن أن توجد منفذا لفرصة جادة . وعلينا أن نستعملها من أجل ايجاد فتحات في جدار الحكومة التونسية في المجالات التي يسعون إلى تشريكنا ومساعدتنا فيها .
وكذلك علينا أن نسعى للتفاعل الجاد مع كل التونسيين (وخصوصا الشباب) بالطرق التي تمكننا من تحسين النتائج لصالح مستقبل بلدينا
- نوصي المسؤولين الأمريكيين عند لقائهم بالمسؤولين التونسيين أن يكونوا واضحين جدا في كل ما نريده منهم : فالتعاون الأمريكي الأكبر يرتبط وجوبا بتفاعل جاد وحقيقي من طرف السلطة التونسية .وهذا ما تتجنبه السلطة التونسية منذ مدّة طويلة ، فتونس بلد صغير في منطقة صعبة ، والحكومة التونسية دأبت على تقديم عهود فضفاضة وشعارات فارغة حول الصداقة (التاريخية) مع أمريكا .
يمكن ويجب أن يتم تحقيق الكثير من السلطات التونسية. ذلك أن الحكومة التونسية كثيرا ما تقول إنها حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وتطالب بتفاعل جاد أكبر من الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا يجب علينا (كمسؤولين أمريكيين) بوضوح ان نقول: نعم ، ولكن فقط حينما نحصل على المساعدة الكاملة والحقيقية منكم ، وذلك في ما يخص التحديات التي تهمنا جميعا .كما أن الحكومة التونسية معروفة بأنها تنحو الى الكلام الفضفاض عوض التفاعل والالتزام بالعمل الجاد .أما الحكومة الأمريكية ، فعليها أن تضغط وتدفع من أجل عمل جاد وتعاون حقيقي على الأرض .