وسط الأوضاع المأساوية التي يعيشها المدنيون بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، تفاجأ الطبيب سليمان أبو عيدة، المتخصص في التوليد بمدينة نابلس في الضفة الغربية، باتصال هاتفي بعد الثانية من منتصف ليل الاثنين، جاءه من منطقة جباليا الواقعة في قطاع غزة.. كان المتصل يطلب مساعدة طبية لإتمام حالة ولادة لسيدة في أحد تجمعات النازحين.
وكان الرجل، الذي قدّم نفسه كصحافي من جباليا، لا يعرف كيف يتصرف مع تلك السيدة التي تضع مولودها في ظروف لا يمكنها فيها الوصول إلى مستشفى أو العثور على طبيب، يمكن أن يُكمل المهمة، حيث خرجت كل مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة.
وأكد الطبيب أبو عيدة أنه لا يتردد أبدا في الإجابة على هاتفه في كل الأوقات، انطلاقا من قناعته بأن اتصالا هاتفيا في الثانية بعد منتصف الليل يحمل صاحبه بالتأكيد همّا كبيرا ويريد نجدة أو مساعدة.
وتابع “قال لي المتصل إنه من قطاع غزة…. بدأت بإعطائه الإرشادات عبر الهاتف، وأرشدته إلى طريقة ربط الحبل السري ومن ثم قطعه، وكيفية إخراج المشيمة والتعامل مع المولود ووضعه في حضن أمه لتقوم بإرضاعه ولتخفيف النزيف الذي تتعرض له”.
ويرى أبو عيدة أن الحالة الفلسطينية استثنائية، مشيرا إلى أنه تعامل في السابق مع حالات مماثلة، وكثيرا ما كان يضطر في ظل الإغلاقات وعدم قدرة النساء على الوصول إلى المستشفيات للتوجه إليهن سيرا على الأقدام لتقديم المساعدة لهن في بيوتهن.
وقال “عايشت مثل هذه المواقف خلال أيام الانتفاضة الفلسطينية، حيث كان يُمنع المرور بالسيارات ويُسمح فقط بالسير على الأقدام”.