بقلم: حافظ الغريبي صنّف الباروماتر السياسي لشهر نوفمبر 2021 رئيس […]
بقلم: حافظ الغريبي
صنّف الباروماتر السياسي لشهر نوفمبر 2021 رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد ضمن الخمس شخصيات السياسية التي تنعدم فيهم ثقة التونسيين كليا والتي يأتي فيها على رأس القائمة راشد الغنوشي يليه نبيل القروي وسيف الدين مخلوف ومحمد المنصف المرزوقي في توازي مع يوسف الشاهد بـ 73 بالمائة.
وقبل 3 سنوات من ذلك كان يوسف الشاهد رقما صعبا بل نجح في هزم الأسطورة الباجي قايد السبسي منتزعا منه الصدارة كالشخصية الأكثر جدارة بقيادة البلاد.. وهو الذي حالفه الحظ الى حد لا يوصف على عدة مستويات اذ امتلأت فجأة السدود بمياه أمطار تهاطلت بشكل غير مسبوق في عز الصيف في وقت كانت الحكومة تخطط لتقسيط الماء لنجني بعد اشهر صابة حبوب تاريخية تعرفون مآلها.. وانشق حزب نداء تونس لتنضم للشاهد الأغلبية ويصبح خلال أيام قليلة صاحب أكبر كتلة برلمانية اهلته لإحداث تحوير حكومي على المقاس..
غير أن الشاهد لم يقرأ جيدا تلك الإشارات لا الربانية منها ولا البشرية فاختار حكومة ضعيفة مشكّلة من الموالين لا من الكفاءات وعوض أن تُصلح حال البلاد زادت الطين بلة.. كما أحاط نفسه بالانتهازيين والانتهازيات الذين اختاروا قاربه فقط أما للوصول إلى قبة البرلمان او لجني المغانم باستغلال اسمه والتهديد بجبروته ولم يكفه كل هذا بل أساء استخدام سلطته بشن حرب هوليودية لمكافحة الفساد قوامها انتقاء “ضحاياه” ..
وفي عهده خُلقت ممرات خاصة داخل أروقة المحاكم تمرّ عبرها الملفات القضائية لتنتهي عند دوائر محددة تصدر أحكاما غيابية قاسية على أسماء لامعة بعضها مقرّبة لمنافسيه ثم يتم نشر فحوى الأحكام بعد دقائق من صدورها في صحف الكترونية موالية له حتى تحقق الضجة الإعلامية المرجوة التي ترهب رجال الاعمال فينضمون إلى صفه خوفا من بطش محتمل.. وفي عهده أودع منافسون محتملون السجن في إخراج جدير بفلم هوليودي يتم فيه خطف الشخصيات المهمة.
وعرف ترشحه أكبر ضربة مؤلمة للعائلة الوسطية التي تشتت بين مؤيد له رغم أنفه ومعارض لمشروع ديكتاتور كان يهدد الجميع بحملة ”# 109 ” وبين مناصر لعبد الكريم الزبيدي الرجل الذي طُعن في الكبد بإثارة ملف ولده الراحل… كما بنى الشاهد حملته على مناهضة المقرونة رغم حبه للمعجنات الى ان انتهى به الأمر بعد هزيمته المخزية إلى تشهيه طبق “ربع دجاج”.
ورغم كونه المتسبب الأول في ضرب العائلة الوسطية وفي صعود النهضة وبلوغ نبيل القروي الدور الثاني من الانتخابات فإن الشاهد بكتلته “اللايت” ساهم في إسقاط حكومة الجمني والضغط على القروي وقلب الطاولة إلى أن أفضى الأمر إلى حكومة الفخفاخ التي زرع بداخلها عددا من مواليه كشرط لدعمها ثم تواصل الأمر مع المشيشي وعندما انقلبت الأمور في 25 جويلية 2021 اختار الشاهد التخفي سيما وقد تم وضع عدد من مقربيه رهن الإقامة الجبرية واختار الصمت عندما أودع أعضاء من حزبه وأعضاء من حكومته السجن بتهم تتعلق بالتصرف زمن قيادته للحكومة..
وحتى البيان اليتيم الصادر هن حزبه لم يحمل إمضاءه ولم تنشر صور تدل على أنه حضر الاجتماع او صادق على فحواه ..واليوم وهو في سن الـ 46 وبعد أن عانق النجاح في الأربعين وحطم رقما قياسيا في البقاء على رأس الحكومة يبدو يوسف الشاهد وكأنه “السياسي” الذي فقد ظله..
حافظ الغريبي
*العنوان مستوحى من قصة الكاتب فتحي غانم “الرجل الذي فقد ظله” والتي صدرت سنة 1961 وتحولت إلى فيلم في سنة 1968.. تدور أحداث الرواية قبل ثورة يوليو يصعد يوسف السيوفي في عالم الصحافة على أكتاف أستاذه محمد ناجى فهو شخصية انتهازيه باعت نفسها من أجل تحقيق طموحها الفردي وتخلت عن كل القيم والتقاليد الإنسانية بهدف الارتباط بطبقة أعلى ممثلة في سعاد الارستقراطية.. يقوم يوسف بالإبلاغ عن زملائه الذين يتم القبض عليهم ويسافر في مهمة صحفية ويعود منها كي يتزوج سعاد لكنها ترفضه مجددا يفقد يوسف مكانته الاجتماعية التي وصل إليها عندما تتغير الظروف الاجتماعية عقب قيام ثورة يوليو.”