بعد أن طالب مجلس الأمن الدولي منذ أكثر من عام […]
بعد أن طالب مجلس الأمن الدولي منذ أكثر من عام برحيل المرتزقة الذين دخلوا ليبيا في خضم النزاع المسلح الذي مزق البلاد منذ 2011، يشعر مجلس الأمن الدولي الآن بالقلق من انتشارهم في البلدان المجاورة.
والخميس الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي، أول اجتماع مخصص لخطر انتشار مرتزقة موجودين في ليبيا، في دول المنطقة، الذي عكسته الحوادث في تشاد المجاورة التي أفضت إلى مقتل الرئيس إدريس ديبي اتنو.
نداءات متكررة
وتُركّز الدبلوماسية اللليبية التي تقودها حكومة الوحدة الوطنية بقيادة، عبد الحميد الدبيبة، جهودها لحمل البلدان “اللاعبة” في ليبيا على سحب مرتزقتها من البلاد “في أقرب وقت” على حد تعبير وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، في تصريح سابق.
ولفت موقع “فرانس انفو” إلى أن عدد المرتزقة الموجودين في ليبيا يفوق 25 ألف عنصر “أغلبهم من السوريين والسودانيين”، إلى جانب من أقحمتهم روسيا لنصرة المشير خليفة حفتر المرابط مع قواته شرقا.
وقال دبلوماسيون إن عدد المرتزقة الأجانب في ليبيا يقدر “بأكثر من عشرين ألفا بينهم 13 ألف سوري و11 ألف سوداني”.
“فرانس إنفو” قال إن رحيل هؤلاء المرتزقة، ولا سيما القادمين من الدول الأفريقية، مثل السوادن، قد يؤثر على أمن البلدان المجاورة بشكل “دموي” إذا لم يتم ضبط العملية بشكل جيد.
المحلل السياسي السوداني، عبد القيوم إبراهيم، يقول إن السودان وتشاد” يمثلان أكبر شريط حدودي مع ليبيا، وهو ما يزيد، من خطر تفاقم الوضع” هناك.
وفي اتصال مع موقع “الحرة” لفت عبد القيوم، إلى أن ليبيا تحد السودان من جانب إقليم دارفور الذي عانى كثيرا من عدم الاستقرار الأمني، وقال إن عودة المرتزقة من ليبيا “قد يزيد من تعقيد الوضع على الحدود بين السودان وليبيا”.
مهمة الأمم المتحدة.. هل تكفي؟
وذكّر الرجل بأن المتمردين الذين قتلوا الرئيس التشادي، إدريس ديبي، كانوا مرابطين على الحدود مع ليبيا، ومنهم من يدخل ويخرج من ليبيا بكل حرية مستفيدا من انفلات الوضع الأمني، على حد وصفه.
وقال إن “وفاة الرئيس التشادي، على يد متمردين من ليبيا، يبرر التخوف الذي نشهده لدى دول الجوار”.
وكان مجلس الأمن الدولي أضاف مؤخرا إلى مهمة الأمم المتحدة وحدة لمراقبة وقف إطلاق النار تتألف من ستين شخصا، لكن هذه الصيغة “غير كافية للإشراف على انسحاب للمرتزقة وتنظيم تسريح للمجوعات المسلحة ونزع أسلحتها” وفق دبلوماسيين تحدثوا لوكالة فرانس برس.
وحذر دبلوماسيون من أنه “من دون سيطرة جيدة وبدون دعم فعال يمكن أن يتكرر ما حدث في تشاد في دول الجوار، أو يمتد من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي والسودان وجنوب السودان والنيجر وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق”.
تعقيد أمني متزايد على الحدود
عبد القيوم، قال من جانبه، إن الحرب في ليبيا أفرزت حالة من التعقيد الأمني في الداخل والجوار، ولا سيما على الحدود بينه وبين تشاد والسودان، وخص بالذكر إقليم دارفو الذي عانى من تعقيدات أمنية وعسكرية طيلة النزاع الليبي- الليبي.
ولفت إلى أن الحدود الممتدة والطويلة، بين السودان وتشاد وليبيا، في ظل الظروف التي كانت سائدة “سهّلت من حركة السلاح والجريمة العابرة للحدود”.
وأضاف قائلا: “هذه الحالة أثرت أمنيا على السودان وتشاد وسيمتد أثرها لسنوات طويلة إذا لم يتم التحكم في السلاح”.
لكن المحلل السياسي الليبي جمال عبد المطلب، يرى بأن “خروج المرتزقة لن يشكل خطرا على دول الجوار ما دامت مهمتهم كانت في ليبيا فقط”.
وفي حديث لموقع “الحرة” ذكّر عبد المطلب بأن الهدف من وجود المرتزقة في ليبيا كان مؤازرة طرف على حساب طرف، وبنهاية مهمتهم باتفاق جميع الأطراف على حل سياسي “فلا خوف على الدول التي سيعادون إليها”.
عبد المطلب أبدى تخوفه، في المقابل من المرتزقة الروس، وقال إن “خطورتهم تضاعفت حينما لم يتمكنوا من إنجاز مأموريتهم في تقسيم ليبيا”.
وأردف: “المرتزقة السودانيون وأولئك الذين دخلوا من تشاد لن يشكلوا خطرا كبيرا لا على ليبيا ولا على الدول التي ستستقبلهم، مادام انتقالهم سيكون مضبوطا من طرف دول وحكومات المنطقة”.
وكشف في سياق تحليله أن “هدف” المرتزقة هو ليبيا وليس دول الجوار، مثل تونس أو الجزائر أو السودان “ومن ثم فلا خطر على دول الجوار”.
عملية معقدة
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، بلقاسمي عثمان، يرى فيما يخصه، أن خطر الانفلات الأمني على الحدود قائم وقد يتضاعف خلال عملية تنقل المرتزقة من ليبيا وإلى خارجها.
وفي حديثه لموقع “الحرة” أشار إلى أن “المرتزقة، مسلحون يسترزقون من الحروب، وقد تؤدي أي هفوة في أي بلد إلى كارثة أخرى، نحن في غنى عنها”على حد وصفه.
بلقاسمي استبعد أن يعيق تخوف دول الجوار عملية إخراج المرتزقة من ليبيا، لكنه أشار إلى أن عملية نقلهم في حد ذاتها ستكون معقدة، إن من الجانب القانوني أو الأمني