رأي : تحتفل تونس غدا الاحد 13 اوت بعيد المرأة ، يوما سنشاهد فيه كثيرا باقات الزهور على صفحات التواصل الاجتماعي وسنرى صورة تلك المرأة الموشحة بعلم تونس تكتسح وسائل التواصل الاجتماعي ، وستصدع اذاننا بأغاني من قبيل "النساء الله يعيش النساء.. واتحدى العالم" واغاني أخرى تتغنى بالمرأة ، وسيمر يوم مليء بالتهاني والتبريكات واجمل الامنيات البعيدة عن الواقع ولو كان ذلك بشكل نسبي.
تونس الان :
تحتفل تونس غدا الاحد 13 اوت بعيد المرأة ، يوما سنشاهد فيه كثيرا باقات الزهور على صفحات التواصل الاجتماعي وسنرى صورة تلك المرأة الموشحة بعلم تونس تكتسح وسائل التواصل الاجتماعي ، وستصدع اذاننا بأغاني من قبيل “النساء الله يعيش النساء.. واتحدى العالم” واغاني أخرى تتغنى بالمرأة ، وسيمر يوم مليء بالتهاني والتبريكات واجمل الامنيات البعيدة عن الواقع ولو كان ذلك بشكل نسبي.
منسيات منذ زمن
ليست كل النسوة سيحتفلن غدا على ركح قرطاج يرددن الأغاني مع لطيفة ، فنسوتنا في الأرياف وفي المناطق الوعرة وفي المناطق النائية لا اظنهن يذكرن لطيفة او يعرفن الطريق الى مهرجان قرطاج أو حتى الى المهرجانات المحلية في مناطقهن .
لا يخفى عن الكثير أن المرأة الريفية مازالت الى اليوم تعاني من عديد النقائص ، وليس بالغريب ان قلنا ان الاف النسوة لا يمتلكن بطاقة تعريق وطنية ، واخريات انقطعن عن التعليم والتحقن بخدمة المنازل كمعينات في ظروف اقتصادية هشة جدا ، والسواد الأعظم من المنقطعات يلتحقن بالعمل الفلاحي فكانت نهاية بعضهن مأساوية بسبب ظروف التشغيل الهشة وبسبب الهوة الكبيرة بين الواقع والتشريعات ، فالقوانين موجودة لكن تطبيقها لا يخضع لقاعدة المساواة في اغلب الأحيان.
نواعم يُعنفن ويُقتلن
سيسيل حبر كثير عن النساء وحقوقهن وامتيازاتهن وكل ما جنينه من إنجازات ونجاحات وهذا لا يمكن لاحد نكرانه ولكن سنكون سفراء للمنسيات فقط ، واللاتي يلتقين مع الاخريات في شبح اصبح يخيم على المجتمع التونسي عامة وعلى المرأة خاصة وهو العنف ..العنف الذي اودى بحياة كثيرات وترك جروحا وندوبا لا تشفى ابدا في صميم اخريات.
فقد كشفت دراسة جديدة أن عدد حوادث قتل النساء المسجلة في تونس، خلال العام الجاري، بلغ 24 جريمة، مشيرة إلى أن نسبة 54 بالمئة من هذه الجرائم نفذت من قبل رجال ضد زوجاتهن
وأوضحت معطيات الدراسة التي حملت عنوان “سكاتنا قاتل” (سكوتنا قاتل)، أعدتها وحدة العمل الاجتماعي التابع للاتحاد الوطني للمرأة التونسية، أنه فيما يتعلق بباقي الجرائم، وصلت “نسبة المنفذة ضد أمهات 21 بالمئة، و8 بالمئة ضد الأخت أو الابنة، و4 بالمئة ضد مهاجرات وفتيات لا تربطهن صلة قرابة بالمجرم”.
ووفق الدراسة التي أعلن عن نتائجها ء، نفذت 38 بالمئة من جرائم القتل التي راحت نساء ضحيتها، طعنا بالسكين و29 بالمئة منها باستعمال آلة حادة و13 بالمئة منها خنقا و8 بالمئة منها ذبحا و4 بالمئة دهسا بالسيارة أو إلقاء في البئر أو حرقا.
وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة راضية الجربي، إن “أغلبية أسباب جرائم القتل ضد النساء تعود إلى خلافات عائلية، تتعلق أساسا بشكوك تحوم حول الخيانة أو رفض الطلاق أو من أجل “الشعوذة” و”الرقية الشرعية”، معتبرة أن ذلك “يدل على انتشار السلوكيات التقليدية البالية في تونس وهيمنة العقلية الذكورية والعقليات المتحجرة التي لم تتغير على مر السنوات”.
واعتبرت الجربي أن القوانين المناهضة للعنف في تونس وجلّ البرامج الموجّهة لدعم المرأة “لم تنجح إلى حدّ الآن في حمايتها بالشكل الكافي ضد جميع أشكال العنف المسلطة عليها”.
وأكدت على أن “تغيير العقليات وتربية الناشئة على حقوق الإنسان والمساواة ونبذ العنف والسلوكيات التقليدية البالية، يعد منفذا أساسيا للقضاء على هذه الظاهرة”.
وأشارت الدراسة إلى أن ولاية صفاقس سجلت أعلى نسبة في جرائم القتل ضد النساء، وذلك بنسبة 18 بالمئة.
نساء تقتلهن “كماين الفلاحة”
لا يكاد يمر يوم في تونس من دون الإعلان عن انقلاب شاحنة لنقل النساء العاملات بالقطاع الفلاحي وتسجيل وفيات في صفوفهن، مما جعل أوساط حقوقية وسياسية تطلق على تلك الشاحنات تسمية “ناقلات الموت” كدلالة على الخطورة التي تمثلها.
الاف النساء يلجأن الى العمل في القطاع الفلاحي باجور زهيدة بسبب الحاجة المتزايدة وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي ترزح تحت وطأتها تونس
وعلى رغم غياب الإحصائات الرسمية حول عدد النساء العاملات في القطاع الفلاحي إلا أن وزيرة المرأة والأسرة والطفولة آمال موسى قالت في تصريحات إن النساء يمثلن 75 في المئة من عدد العاملين في هذا المجال.
وكشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقرير له عن أنه منذ 2015 سجلت وفاة 51 امرأة من العاملات بالقطاع الفلاحي في 56 حادثة
وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة راضية الجربي إن “العاملات في القطاع الفلاحي موضوع شائك ومعقد، ومع تقدم الوقت يزداد صعوبة، لأننا لم نهتدِ إلى الحل الأسلم والجذري لمعالجة قضايا النقل وقضاياهن بشكل عام سواء بالأجر أو الضمانات الاجتماعية والصحية”.
وأضافت الجربي أن “تغيير واقع النساء العاملات في الفلاحة من شأنه النهوض بهذا القطاع، وتغيير واقع النقل يقتضي تحديث البنية التحتية حيث تنتشر المسالك الترابية ولا وجود لأي نقل منظم”.
وشددت على أن “عدم تنظيم هذا القطاع وعدم دراسة هذه القضايا يجعلان النساء عرضة للعنف والاستغلال وحوادث مستمرة إذ ليست هناك وسائل نقل منظمة”.
وأضافت “أحياناً يقوم من يملكون الشاحنات بسكب الماء في العربات لإجبار النساء على البقاء واقفات، بالتالي نقل أكبر عدد منهن على رغم وجود قانون يحظر النقل العشوائي ويجرمه، لكنه لا يطبق، المسألة معقدة جداً”.
هوة بين القانون والواقع
عام 2019 صدر القانون عدد 51 الذي ينص على ضرورة إحداث نوع جديد من النقل مخصص للعاملات في القطاع الفلاحي، لكن يبدو أن الهوة عميقة بين التشريعات والتطبيق على ارض الواقع ، اما الاغرب من عدم التطبيق هو ان اغلب المسؤولين يكابرون ويؤكدون انه يتم تطبيق القانون لكن التطبيق لدى هؤلاء هو مجرد سطر يقال امام عدسات الكاميرا.
في هذا الاطار قالت عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكلفة ملف العاملات في القطاع الفلاحي سامية بوسلامة إن “الإرادة السياسية غائبة لتحسين ظروف عمل العاملات في القطاع الفلاحي”.
وأضافت أن “القانون 51 يضمن نقلاً سالماً للعاملات، لكن هذا القانون الذي صدر في 2019 بقي حبراً على الورق، إذ ليس هناك جزء لضمان هذا النوع من النقل في الموازنات لوزارة الفلاحة أو غير ذلك ووزارة المرأة لا تملك أي إحصائيات حول العاملات”.
وإلى جانب ظروف النقل، تطالب العاملات في القطاع الفلاحي باعتراف رسمي بهن من خلال توفير ضمانات اجتماعية وصحية لهن، خصوصاً أن الأخطار تحدق بأعمالهن مثل رش المبيدات على الزراعات وغير ذلك.
تمر تونس بوضع اقتصادي واجتماعي صعب أثر على التركيبة الاجتماعية والنفسية للمجتمع الذي اصبح يميل الى العنف اكثر فأكثر ويمكن ان تكون هذه الازمات احدى الأسباب المباشرة لتزايد حالات العنف ضد المرأة ولا يوجد خير دليل اكثر من المحاكم وعدد قضايا الطلاق وعدد المساجين بسبب اهمال العيال لتبيان ما يمر به التونسي (ذكرا او انثى) من اهتزاز وضياع واحيانا صدمة امام الواقع المرير الذي تعيشه البلاد والذي اثر على كل الجوانب ومع ذلك يبقى العنف مرفوض قانونيا واخلاقيا وبكل المقاييس والى حين ان يتلاشى العنف او تتراجع نسبته لا يسعنا ان نقول كل سنة والمرأة التونسية بخير من العاملة الى ربة البيت الى الوزيرة …
منى حرزي