تونس الآن رغم إصدار وزارة الداخلية أمس بلاغا أعلنت فيه […]
تونس الآن
رغم إصدار وزارة الداخلية أمس بلاغا أعلنت فيه عن إقالة ثلاثة معتمدين بينهما معتمد دوار هيشر (ولاية منوبة) محمد الباجي فإن عديد التساؤلات تبقى مطروحة بخصوص ما يحف من ملابسات حول إعفاء هذا المعتمد في سياق الفيديو الذي راج خلال الأيام القليلة الماضية والذي يظهر مواطنين عثروا على عدد كبير من نسخ بطاقات التعريف الوطنية، ملقاة مع الفضلات، داخل مقر المعتمدية واتهموا المعتمد بالتخلص من مطالبهم “للحصول على إعانات ظرفية”.
وسرعان ما تدخلت والية منوبة رجاء الطرابلسي على الخط قائلة إن ما حدث هو مخطط إجرامي مدبر يهدف لزعزعة وضرب ثقة المواطن بالإدارة وفق تعبيرها، مشددة على أن كل من تخول له نفسه القيام بعمل إجرامي في مثل هذه الظرفية سيطبق عليه القانون وذلك حسب تصريحها لإذاعة “إي أف أم” أمس.
وبالتالي وضعت الوالية القضية في إطار واضح يفهم منه توجيه اتهامات لطرف ما ذلك أن العبارات المستعملة بدت وكأنها منتقاة قصد توصيف العملية وإضفاء صبغة ذات أبعاد مختلفة تتراوح بين التآمر والعمل الإجرامي مرورا بـ” زعزعة الثقة” خاصة في سياق الحرب على فيروس “كورونا”.
ومن جانب آخر قالت الوالية أنه من غير المعقول أن يقوم المعتمد الذي كان يعمل برفقة ممثلين عن الولاية بإلقاء مطالب ووثائق المواطنين في محيط المعتمدية، مشيرة إلى أن حقيقة ما حدث سيتم كشفها بالأدلة والاثباتات بعد انتهاء المكافحات اللازمة، وهنا يطرح السؤال: هل أن الوالية تستبعد أن يقوم المعتمد بما يتهمه به جانب من الأهالي أم أنها تستغرب قيامه فعليا بإلقاء المطالب؟
كما أكدت أن الوزير أذن بفتح تحقيق وأرسل فرقة مختصة في تحليل الفيديو، أين تم القيام بالتحقيقات اللازمة، لكشف حقيقة ما حدث، كما تم الاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة في المعتمدية.
وفي الأثناء نقل موقع Kapitalis يوم أمس تصريحات للمعتمد الذي قال أن العملية مفتعلة وان في دوار هيشر ما لا يقل عن 2000 مواطن يؤمون يوميا المعتمدية وأن جميع الوثائق التي وضعت أخيرا لدى مصالحها موجودة حذوه وعلى مكتبه.
كما أضاف المعتمد أن كل من يرغب في التثبت فليتقدم إلى المعتمدية التي ستمده بالبطاقات والوثائق وبها الختم مع تاريخ التسلم وأن جميع الوثائق محفوظة.
وجاء اتهام المعتمد جهات سياسية – لم يذكرها- والتنديد بـ”الخزعبلات” وأن “العملية مقصودة وليست حتى في وقتها لأن الوقت لا يسمح حاليا بهذا التلاعب” ليعطي القضية منحى سياسيا يعيدنا إلى التساؤل حول الجهات السياسية أو الحزبية المحتملة التي تقف وراء كل ذلك وهل أن المسألة بالفعل سياسية أم أن المعتمد المقال أراد التنصل من المسؤولية والإلقاء بها على أطراف أخرى؟.
لكن المسألة لم تقف عند تصريحين لوالية منوبة والمعتمد بل إن تدخّل مختار الغربي رئيس بلدية دوار هيشر أمس في أحد البرامج لإذاعة “موزاييك” جاء ليضفي على المسألة المزيد من التساؤلات بخصوص حقيقة ما حصل إذ قال إنّ مجهولين تعمدوا دخول مقر المعتمدية وقاموا بأخذ الصندوق الذي كان يحتوي على نسخ بطاقات التعريف وألقوهم في الشارع وقاموا بتصوير الفيديو.
ولا بد من مجرد الإشارة إلى أن قبل “قضية نسخ بطاقات التعريف” إلى تعرّض مقر الوحدة المحلية للشؤون الاجتماعية بدوار هيشر فجر الأربعاء 25 مارس 2020، الى الخلع والسرقة ووفق مصدر أمني، تم سرقة 3 حواسيب من داخل مقر الوحدة من قبل مجهولين.
وقد تقدمت ادارة الوحدة بشكاية في الغرض تعهّدت بها وحدات الحرس الوطني في دوار هيشر وقامت بفتح تحقيق في الحادثة.
هذه “الحادثة” تزيد من حدة التساؤلات بخص ما يحدث في ولاية منوبة وتحديدا في معتمدية دوار هيشر حيث يبدو أن الأبعاد السياسية والحزبية تلقي بظلالها هناك وهو ما أكده بيان لفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان باردو(منوبة) ونشره أمس موقع إذاعة “شمس أف أم”، وهو البلاغ الذي دعا إلى فتح “تحقيق جدّي” في حادثة العثور على العدد كبير من نسخ بطاقات التعريف الوطنية “لمعرفة من أقدم على تجميع بطاقات التعريف ولمن قدّمها وتحميل الجميع مسؤوليته، دون إفلات من العقاب”.
وحمّل فرع الرابطة “المسؤولية الكاملة في هذه الحادثة، إلى السلط المحليّة بدوار هيشر (بلدية ومعتمديّة) التي انزلقت إلى صراعات سياسوية حزبيّة أضرّت بمصالح المواطنين”، حسب نص البيان الذي شدّد على ضرورة “تجميع المساعدات لدى السلط المحلية، لتوزيعها طبق معايير النزاهة والشفافيّة لمستحقيها مباشرة، دون وساطة من أي جهة كانت”.
وأهاب الفرع بمكونات “المجتمع المدني الديمقراطي، المستقلّ عن السلطة وعن الأحزاب السياسيّة، القيام بدور المراقبة الميدانية اليومية لعملية توزيع المساعدات، ضمانا لحسن التصرّف وتفاديا لشبهات الفساد”.
ولئن تم حسم جانب من المسألة، بإعلان وزير الداخلية الوزير هشام المشيشي إعفاء معتمد دوار هيشر في سياق الإعلان عن إعفاء معتمد مكثر و المعتمد الأول بولاية الكاف، فإن ما يبقى عالقا بالأذهان هو خطورة التعيينات السياسية والحزبية في مواقع حساسة بما تنجر عنه تجاذبات لا يكون ضحيتها سوى المواطن بضياع حقوقه ومصالحه لأنها أصبحت في مهب ريح السياسوية.