في عالم الإنتاج السمعي البصري، قليل هو عدد المشاريع التي […]
في عالم الإنتاج السمعي البصري، قليل هو عدد المشاريع التي يمكن أن تستمر وترسخ بمرور الوقت، أو أن تتواصل على مر السنين. هذا هو الحال مع سلسلة “تونس 2050” التي انطلق إنتاجها منذ سنة عام 2009، والتي تعود في رمضان 2020 بحلّة جديدة في موسمها الخامس.
سلسلة “تونس 2050” كانت نابعة من إرادة شركة CGS في إظهار مدى إتقانها وتمكّنها من التقنية ثلاثية الأبعاد، وقد كان إنتاجها متميزا من عدة جوانب: العرض الفني للرسومات، الكتابة الجماعية، والكاستينغ المتميز الذي أظهر وجوها هي اليوم الأبرز على الساحة الفنية التونسية، والتي من بينها : جعفر قاسمي وأمين قارة ووسيم الحريصي. بالإضافة إلى ذلك، فقد تميزت هذه السلسلة بأسلوب مرح وطريف لانتقاد القيود الرقابية التي كانت موجودة سنة 2009. هل يوجد أفضل من التنديد بالفساد المادي وبالنفاق الاجتماعي السائد مع التظاهر بأن كل هذا ليس سوى خيالا مستقبليا؟
وهكذا قدّمت السلسلة الحدث “تونس 2050″، التي لاقت نجاحا هاما وفوريا، وذلك من حيث نسب المشاهدة ولكن أيضا من خلال الشهرة الكبيرة التي حظي بها الممثلون. وقد مثلت هذه السلسلة ظاهرة حقيقية في المجتمع التونسي، حيث بدأ المشاهدون في استخدام بعض العبارات التي أصبحت الآن جزءًا من “النكتة الخاصة” التي يفهمها كل تونسي (صنعة نا، الكبّار وفا، ممتاااااااز).
بعد الثورة، كان على السلسلة إعادة الظهور بحلّة جديدة، فالكتابة بحريّة بعد تجربة الرقابة ليست سهلة. وقد أدّى هذا إلى إنتاج موسم مؤثر للغاية حيث كان الشعور بالانتماء الوطني مصدر فخر كبير، وحيث تمكنت السلسلة، عن طريق الصور المتحركة، من إبراز هذه الفترة المتميزة التي يعيشها التونسيون.
قصة نجاح سلسلة “تونس 2050” مثلت تتويجا لصناعة الصور المتحركة التي تكرّست في تونس. حيث تلقى مصممو الجرافيك والتصميم عدة تدريبات من خلال المشاركة في هذا المشروع الذي يعمل عليه أكثر من 35 تقني لإنجاح الموسم الخامس. ويتطلب الأمر ما لا يقل عن 5 أشهر من العمل لإنتاج الحلقات الـ 15 والتي تبلغ مدة الحلقة فيها 15 دقيقة، مع تقديم وجودة مختلفة تمامًا عن تلك التي ظهرت لأول مرة.
وقد توسعت دائرة الممثلين لتشمل أسماء جديدة تعطي نفسا جديدا للفريق الأول، ولعل أبرز هذه الوجوه مرام بن عزيزة، نضال السعدي، عزيز الجبالي، ياسمين ديماسي، سليم الهريسي، نبيل كلاّب وجهاد الشارني، وغيرهم الكثير، دون أن ننسى حاتم بلحاج وعزيز الجبالي اللّذين انضمّا إلى فريق السيناريو مع سليم بن اسماعيل.
هذه هي التركيبة المثالية لهذا النجاح: أحدث التقنيات، أبرز الممثلين، الكثير من المواهب على جميع المستويات، ولكن كذلك توقعات الجمهور الذي لم يتوقف عن التشجيع والتعبير عن رغبته الشديدة في مشاهدة الجزء الجديد من “تونس 2050”.