.. ما زِلْــتُ أذكر ، وأنا في مــقاعد الــثانوي بـمعهد […]
.. ما زِلْــتُ أذكر ، وأنا في مــقاعد الــثانوي بـمعهد ” المــنصورة ” بالقــيروان ( سـنوات مـــجده وإشعاعه ).. كيف كُنّا نذهب ـ قبل إجراء الإمتحانات بأيام ـ إلى جامع ” عقبة بن نافع ” أين توجد سَارِيتَيْن كبيرتين مُتحاذيتين داخل القاعة الكبرى للصلاة ، لا يفصل ينهما سوى 20 سنتيمترا أو يزيد قليلا … تُسمّيان ” الزَّبِيبَتَانْ ” ـ وباللهجة التونسية : ” الزّبِيبْتِينْ “… حيث قيل لنا منذ الصغر ، وسادت الأسطورة حولهما أنه بإمكان أي شخص أن ينْوي ما يريد تحقيقه في حياته ، ثم يَمُرّ بعد ذلك بين تلك الساريتين ، فإن إستطاع العبور ، فإنّ مُراده سوف يتحقّق ، وهو من الصالحين ،، وإن فشل … فإنه من الأشقياء في الحياة والممات ……. وهكذا كنّا نجد داخل الجامع عددا لا يستهان به مـــن الذكور والإناث ومــن مختلف الأعـــــمار والشرائح يتدافعون أمام تلك الساريتين ،، كلٌّ حسب حاجته، وامنيته ، وبَلْواه …وهم لا يعرفون .. أن أي شخص بَـدِين أو ضخم الجثة .. لن يقدر ابدا على المرور بين تلك الساريتين مهما أوتي من حيلة وحكمة أو حسنات لانهما من المرمر الصلد الخالص ،، وأن المسألة كلها لا تتعدى الخرافة والخيال الديني السريالي.. والشبيه بالخيال العلمي.. ، و حث الناشئة بالخصوص وترويضها على إشاعة المزيد من الجهل والغباء إلى حد الضحك ، في صفوف العامّة والدّهماء ، والحمقى .. تحت إسم : ” جامع عقبة بن نافع ” ، وما يفوح في محرابه ، ومَصْلَاه ، وصومعته ،، من عبق التاريخ المشبوه وأنفاس يتخيلونها زكية مباركة لسيدي : “عقبة ” ولفيف من صحابة رسول الله كما قيل لهم … والحكاية أبعد وأعمق من كل ذلك بكثير ….!
… إنهم يعزفون دائما على إيقاع “الدين” منذ قرون ، بأ ساليب ومعتقدات وراثية واوهام ، وخِدع ، وخُزعبلات شتّى ، حتّى يتسنى لهؤلاء السفهاء إستقطاب ، وترويض ، والتأثير على أكبر عدد ممكن من الطيبين و الاغلبية الساحقه من القطيع ، والسُذّج وشذّاذ الآفاق من الناس … بل إقناعهم بالتمسك بتلك العروة الواهنة المتصدعة ..خوفا واحتسابا .. .. حتى يتسنى لهم امتلاك عقولهم وارادتهم جيلا بعد جيل والتكدس تحت راياتهم السوداء..وفي زرائبهم كالخرفان ….زورا وبهتانا…!
… إني واثق تماما أن أغلب هؤلاء ، لا يعرفون فرائض الوضوء ، وحتى نواقضها ، ولا يفقهون شيئا عن علم الدين الضروري.. فعلا..ونطقا واعتقادا …. بل أجزم أنهم لا يُجيدون حتى قراءة الفاتحة في صلواتهم ، وهي آية موجبة في بداية كل صلواتنا الخمس وقبل كل ركعة وحسب مخارج حروفها الاصلية..ولا يفرقون بين الظاء والضاد.. بل اني اتحدي اغلبية المصلين حول كيفية قراءة كلمة ” ولا الضالين” مثلا… وحسب المذاهب الاربعة المتداولة والمعروفة.. !
ومع ذلك يستغلون العنصر الديني وكل أثر ديني لِتشييد منابر سياسية ظاهرها مقدسة ..غير ان محاريبها مُدنسة ، خفية وعلنية .. لا تَمُت للدعوة ، والدين والإصلاح بصلة …وغايتها أمر بالمعروف ، وباطنها الفتنة ، والمنكر ، والزيف والقَرف وسفك الدماء….!!!
… وبعد ،،
أصيحُ الهي ..
أنا من سُلالة أحمدْ
ومن دين أحمدْ
ولكنّني ..
يا الهي ،،
وفي كل يوم ارى..
للخيانة مَشْهدْ