تونس الآن
بكثير من التضارب والتذبذب، تناولت وزارة الشؤون الخارجية مسألة إقالة المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، واتضح ذلك من خلال تضارب كبير بين فحوى بيانين متتاليين اعتبر الأول منهما الأمر مجرّد معالجة إدارية أن تستدعي المندوب الدائم لتخضعه لحتمية التقييم السنوي للأداء، وعكس البيان الثاني ردّة فعل العنيفة فضحت رؤى جديدة للإدارة التونسية في تعاملها مع المكلفين بمهام لديها.
البيان الثاني ذكّرنا بالردود التي تصل إلى إدارات التحرير في وسائل الإعلام حين “يتجرّأ” أحدهم على إثارة الغبار عن ملف ي حقبات مردوم تحت أكداس الوثائق المنسية… كان ذلك يحدث مع الإدارة في حقبات سياسية سابقة. وكانت الصحف مجبرة بالقانون على نشر الردود في نفس الموضع الذي نشرت فيه الخبر “المشبوه”، وأحيانا تعقّب الصحيفة على الردّ إن كانت تريد مواصلة التناطح مع الإدارة المحتجة.
اليوم، يأتينا الجديد من خلال ود الإذارة على موظفيها ومسيّريها أحيانا. وما حمله إلينا البيان الصادر يوم الجمعة 11 سبتمبر عن وزارة الخارجية يظهر حالة تشنج في العبارات وسرد الوقائع، وكأنّ الأمر يتطلب كل هذا الدفاع عن مواقفها، ويستلزم الفضح ونشر الغسيل.
في بيان سابق، قالت الوزارة أنّها تنزّل استدعاء المندوب الدّائم من نيويورك في إطار التقييم والحركة الدبلوماسية السنوية، وأنّ القبطني قد يكون موضوع تكليف دبلوماسي جديد ببلد أوروبي. غير أنّها ناقضت كل”ّ ذلك ومحته في البيان الصادر اليوم، و”حاكمت” موظفها محاكمة علنية وكأنّها تبجث عن مبرّرات لما فعلت.
في المحصّلة من كلّ ذلك انحدار بالقرار ومن ورائه القانون إلى شارع السياسة، فتذكرنا ما عشنا من أمسيات برلمانية “رائقة” تتآكل فيها بنية الاحترام للمؤسسة السياسية إلى حدّ الذوبان، فهل جاء دور الإفلاس الإداري بعد الإفلاس القيمي والاقتصادي والسياسي؟