صادق مجلس نواب الشعب، في جلسته العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء […]
صادق مجلس نواب الشعب، في جلسته العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء بالمقر الرئيسي للبرلمان بباردو، على القرار المتعلق بإقرار تدابير استثنائية لضمان استمرارية عمل المجلس، بتصويت 148 نائبا لفائدته وتسجيل احتفاظ وحيد واعتراض وحيد، وذلك بعد التوصل إلى توافق بين رؤساء الكتل وممثلي النواب « غير المنتمين » على الصيغة النهائية للقرار.
ومن أبرز التعديلات التي تم إدخالها على القرار، إقرار دور خلية الأزمة والتنصيص على اجتماعها كل ما اقتضت الحاجة وتأجيل النظر في النظام الداخلي للبرلمان إلى ما بعد انتهاء فترة التدابير الاستثنائية، والتنصيص على أن تكون جلسة منح الثقة للحكومة حضوريا.
وينص القرار بالخصوص على اعتماد تدابير لضمان استمرارية عمل مجلس نواب الشعب لمدة شهر قابل للتجديد مرتين بقرار من المكتب، وعلى أن تكون أولوية نظر الجلسة العامة خلال فترة العمل بهذه التدابير في مشاريع القوانين والمسائل ذات الصبغة المعاشية أو المتعلقة بتمويل الميزانية والاقتصاد، وفي مشاريع القوانين والمسائل ذات العلاقة بالحالة الوبائية ومواجهتها أو الحد من مضاعفاتها، وفي مشاريع القوانين والمسائل الضرورية لضمان استمرارية عمل أجهزة الدولة وقدرتها على القيام بمهامها.
كما يتضمن القرار تدابير تتعلق بانعقاد الجلسات العامة وسيرها وتنظيم التدخلات والتصويت ونقاط النظام، إضافة إلى تدابير أخرى تتعلق بإمكانيات عقد اجتماعات هياكل المجلس عن بعد.
وشهد النقاش قبل رفع الجلسة للوصول إلى صيغة توافقية، خلافا بين النواب على مشروعية هذا القرار، بين من يعتبره ضروريا بالنظر إلى الوضع الوبائي الدقيق في البلاد وبين من يرفضه ويتهم مكتب المجلس باستغلاله لتمرير قوانين خلافية.
فقد اعتبر رئيس كتلة النهضة عماد الخميري أن التدابير الاستثنائية لا تتعلق فقط بسلامة النواب بل تمس كل العاملين في فضاء المجلس من إداريين وعملة وإعلاميين وممثلي المجتمع المدني، مشيرا إلى أن الهدف من هذه التدابير هو حماية كل هؤلاء وضمان استمرارية عمل هذه المؤسسة الدستورية ومهامها التشريعية والرقابية .
وذكر بأن البرلمان خسر مؤخرا أحد النواب (مبروك الخشناوي) بسبب هذا الوباء، مما يؤكد أن ظروف العمل في المجلس تعرض العاملين فيه إلى خطر حقيقي، وأن هناك توافق واسع بين الكتل البرلمانية على ضرورة إقرار الإجراءات الاستثنائية، محملا من يقف ضد إقرارها مسؤولية ما يمكن تسجيله من نتائج فيها مساس بأرواح العاملين.
وبدوره، أكد رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي ضرورة المصادقة على الإجراءات لضمان سير عمل المجلس من جهة وضمان صحة وأرواح العاملين فيه من جهة أخرى، وانتقد اتهام عدد من النواب لمكتب المجلس باتخاذ قرارات وفرضها على بقية الأعضاء، معتبرا أن الأقلية أصبحت تصادر حق الأغلبية في اتخاذ قرارات داخل مكتب المجلس عن طريق فرض رأيها بالقوة.
وقال النائب عصام البرقوقي (من غير المنتمين) « إن الإجراءات الاستثنائية ليست سببا لإيقاف العمل في المجلس وهي طريقة ناجحة أثبتت نجاعتها خلال اعتمادها أثناء الموجة الأولى للوباء »، ودعا النواب إلى استغلال هذه الفترة للاهتمام بمشاغل ناخبيهم في الجهات، متهما عددا من النواب « الذين انتخبهم الشعب خطأ »، حسب تعبيره،بالرغبة في » التواجد داخل فضاء المجلس لتعطيل مصالح الشعب ».
وفي المقابل، اعتبر رئيس الكتلة الديمقراطية محمد عمار أنه من غير المعقول أن تكون المؤسسة التشريعية غائبة في ظل الوضع الدقيق في البلاد، وأن اللجنة العلمية كان بإمكانها » أن تفرض الحجر الصحي الشامل لا الحجر البرلماني الشامل »، متهما النواب الراغبين في تمرير التدابير الاستثنائية باستغلال الظرف العام لتمرير التحوير الوزاري والعديد من القوانين الخلافية أو تلك المثيرة للجدل.
ولفت النظر إلى أن الوثيقة النهائية للتدابير الاستثنائية » تضمنت صياغة ركيكة ودسائس عديدة »، وفق تعبيره، ووردت فيها العديد من الألفاظ والقرارات بصيغة فضفاضة تتحمل أكثر من تأويل، من ذلك التنصيص في الفصل الأول على تجديد هذه التدابير الاستثنائية إذا تطلب الأمر ذلك دون تحديد شروط للتجديد وترك المجال واسعا لمكتب المجلس لاتخاذ القرار.
ومن جهتها، أشارت عبير موسي رئيسة كتلة الدستوري الحر إلى وجود محاولات الانقلاب على الجلسة العامة واستفراد جهات بعينها باتخاذ القرارات وفرضها على مكتب المجلس، مبينة أن الوثيقة النهائية المعروضة اليوم على التصويت، والتي قالت إنها « تمت صياغتها من قبل مجهولين » مخالفة للوثيقة التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع مع رؤساء الكتل.
وتساءلت عن مكانة خلية الأزمة التي من المفروض أن تبقى في حالة انعقاد وتجتمع كل ما دعت الضرورة لذلك، مشيرة إلى محاولات لتمرير قوانين خاصة مثل التحوير الوزاري والنظام الداخلي للمجلس وقوانين خلافية تمس جوهر الحقوق والحريات، والحال أنه قد تم الاتفاق على أن يتم فقط تمرير القوانين المتعلقة بالجائحة وبتمويل الميزانية .
وأكد النائب فيصل التبيني (من غير المنتمين لكتل) على أنه لا يمكن اقتصار عمل النواب على التصويت « وإلا فإنه من المفروض حرمان النواب من الحصانة ومن المنح طيلة فترة إقرار هذه الإجراءات الاستثنائية »، حسب تقديره، مؤكدا أنه لا يمكن إفراد النواب بإجراءات خاصة للعمل من المنزل والشعب يعمل يوميا ويتنقل في وسائل النقل العمومي والمشترك.
منجي الرحوي بدوره اعتبر أن إقرار هذه الإجراءات هو « هروب من مواجهة مطالب الشعب التونسي »، وهي تعكس استثناء الأغلبية البرلمانية لنفسها من الشعب، قائلا « تريدون أن يحافظ المجلس على استثنائيته ويصطفي نفسه من هذا الشعب، وهم لا يعلمون أنهم مستثنون ومرفوضون من الجميع ».
وانتقد صافي سعيد (من غير المنتمين) ما وصفه بـ »استفراد » مكتب المجلس باتخاذ القرارات، قائلا « يحكمون بقوانينهم ونحن لا نعلم شيئا، يريدون التنصيص على الاستثناء ونحن نعيش منذ عشر سنوات في الاستثناء والمؤقت، يريدون التصويت لعصابة تسير كل دواليب الدولة وقوانينها نحو الظلام ».
واعتبر النائب مصطفى بن أحمد (نداء تونس) أن الأولوية اليوم هي في أن يحضر رئيس الحكومة لتوضيح مسألة الاحتجاجات حتى يضع حدا لتراشق التهم بين الأطراف السياسية ورفع اللبس، داعيا كذلك إلى ضرورة إقرار إجراءات لحماية الفئات الهشة من تبعات قرارات الحجر الصحي وإيقاف العديد من المواطنين عن العمل دون إجراءات اجتماعية مصاحبة.
يذكر أن النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي أعلن عند استئناف الجلسة أنه تم الاتصال برئاسة الحكومة وأن هناك تعهد بالحضور للمجلس غدا صباحا للتداول حول الوضع العام وتوضيح مسألة الاحتجاجات، لتتواصل الجلسة إلى يوم الغد الأربعاء.
وتجدر الإشارة إلى أن بداية النقاش حول إقرار التدابير الاستثنائية شهدت نقاشا حادا بين النواب حول تسيير الجلسة مما دعا إلى رفعها .
كما تم اعتماد التصويت بالمناداة بتخصيص حيز زمني للتصويت بالنسبة إلى كتل كتلة وللأعضاء غير المنتمين للكتل وفق جدول زمني تم توزيعه على كل النواب، وذلك في إطار الإجراءات التنظيمية المتعلقة بالبروتوكول الصحي.