وطنية : قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن النظام المالي الدولي "في أزمة"، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية الاحتياجات الملحة للاقتصادات النامية والناشئة.
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن النظام المالي الدولي “في أزمة“، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية الاحتياجات الملحة للاقتصادات النامية والناشئة.
وأضاف غوتيريش في كلمة ألقاها في افتتاح قمة باريس “من أجل إيجاد ميثاق مالي دولي جديد” أن أهداف خطة التنمية المستدامة تحيد عن المسار وأن أكثر الأهداف الأساسية بشأن الجوع والفقر تسير في مسار معاكس بعد عقود من تحقيق التقدم.
وقال غوتيريش “في عام 2023، هناك أكثر من 750 مليون شخص في العالم لا يملكون ما يكفي من الطعام. ويتأرجح عشرات الملايين من الناس على حافة الفقر المدقع. وفاقم وباء كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا من هذا الوضع”.
وذكَّر الأمين العام بأن هناك 52 دولة متخلفة عن سداد ديونها أو قريبة بشكل خطير من الدخول في مرحلة العجز عن سداد الديون. وتضم هذه القائمة أغلب الدول الأقل نموا.
مداخلة انطونيو غوتيرتش ، ياتي تماهيا مع ما جاء في مداخلة رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي دعا إلى “انتهاج مقاربات جديدة غير تقليدية في بناء علاقات اقتصادية ومالية دولية”.
كما دعا الرئيس سعيد الى “انتهاج مقاربات غير تقليدية في بناء علاقات اقتصادية ومالية دولية جديدة تراعي الاستحقاقات الراهنة والتحديات المستجدة في العالم عموما وفي الدول النامية على وجه الخصوص، وتلبي تطلعات شعوبها في العيش بكرامة في احترام تام للسيادة الوطنية”.
شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أنّه لا مجال مستقبلا لعلاقات تنبني على مبدأ الكبير والصغير والقوي والضعيف، قائلا “لا يمكننا الذهاب إلى عالم أفضل بهذه الطريقة ونحن لسنا صغارا”.
وأوضح في كلمة ألقاها خلال مائدة مستديرة بقمة باريس بحضور رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ورؤساء التشاد وسريلانكا والوزير الأول الرواندي ورئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، كما حضرها كبار المسؤولين والخبراء من هياكل اقتصادية ومالية إقليمية ودولية أنّه لا يمكن بناء نظام ماليّ جديد بنفس المقاييس ونفس المبادئ التي تم وضعها إثر الحرب العالمية الثانية.
وأضاف سعيّد “كنا تحت الاستعمار ولم نشارك في وضع القواعد.. هل يمكننا أن نبني مستقبلا لشعوبنا وللانسانية بناء على هذه الاتفاقيات.. هل يمكن أن ننطلق من جديد بناء على تصور بائدا ولم يعد صالحا للاستعمال” وفق قوله.
واستدرك رئيس الجمهورية “اعتقد انه يجب ان نفكر بطريقة مختلفة تماما عن التفكير الذي كان سائدا منذ سنوات ولم يؤدّي إلا الى تعميق التفاوت بين الجزء الشمالي من الكرة الارضية والجنوب الذي لا يزال يعاني بعد أكثر من 7 عقود من الفقر والبؤس والحرمان والارقام التي تم تقديمها خلال المائدة المستديرة تدلّ على أن الوقت قد حان بالنسبة للانسانية جمعاء لان نفكر في وسائل مختلفة وان ننظر الى الماضي والامه ومن تسبب في ذلك”.
وتطرق غوتيريش إلى الموجز السياساتي الذي أصدره في وقت سابق وتضمن خطة مقترحة لإصلاح الهيكل المالي الدولي لكي يكون قادرا على توفير شبكة أمان لكل الدول.
الى ذلك قال غوتيريش “بينما نعمل على تطبيق إصلاحات عميقة مطلوبة، نستطيع أن نتخذ إجراء عاجلا اليوم لتلبية الاحتياجات الملحة للاقتصادات النامية والناشئة. ولهذا السبب اقترحت توفير حزمة تحفيز سنوية لخطة التنمية المستدامة بقيمة 500 مليار دولار لصالح الاستثمارات في التنمية المستدامة والعمل المناخي”.
وأوضح الأمين العام أن هذه الخطة تتضمن خطوات ملموسة يمكن أن يتخذها قادة العالم الآن، وأنهم يمكنهم “تأسيس آلية فعالة لتخفيف الديون تدعم تجميد السداد وشروط إقراض أطول أجلا ومعدلات فائدة أقل للدول ذات الدخل المتوسط والتي تعاني من نقاط ضعف وتحديدا فيما يتعلق بالمناخ”.
وقال غوتيريش إن قادة العالم يستطيعون التوسع في عمليات التمويل المشروطة للدول المحتاجة، وذلك عبر إعادة توجيه على نطاق أوسع لحقوق السحب الخاصة غير المستخدمة، واستخدام آليات مبتكرة لزيادة السيولة النقدية الدولية.
وحقوق السحب الخاصة هي أصول احتياطية دولية أنشأها صندوق النقد الدولي لتكملة احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية للدول الأعضاء والمساعدة في توفير السيولة لها.
وأكد غوتيريش أنه “إذا اتخذنا هذه الخطوات سويا، فإنها ستساعد في هزيمة الفقر والجوع وتنهض بالاقتصادات النامية والناشئة وتعزز الاستثمارات في الصحة والتعليم والعمل المناخي”.
وقال الأمين العام في كلمته إنه لا يجب الانتظار حتى يتم تحقيق إصلاح شامل للهيكل المالي الدولي، “لكننا نستطيع أن نتخذ خطوات الآن، ثم نقوم بقفزة نحو العدالة العالمية”.
وأقر غوتيريش بوجود قيود على التعاون الدولي في عالم اليوم تجعل من الصعب حل المشكلات. لكنه قال “الحلول ليست مستحيلة، ويمكننا أن نبدأ الآن”.
وزار الأمين العام اليوم أيضا كلية باريس للشؤون الدولية وألقى محاضرة هناك تحدث فيها عن التحديات التي تواجه العالم.
وقال غوتيريش أمام جمع من طلاب الكلية إن الوضع الدولي نادرا ما كان بهذه القتامة التي هو عليها الآن، مشيرا إلى الأزمات التي يعيشها العالم بما فيها التغير المناخي والحروب وعملية التعافي الاقتصادي غير المتساوية من آثار وباء كوفيد-19 واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وأضاف الأمين العام أن أغلب المنظمات والآليات التعددية بنيت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتعكس ميزان القوى الاقتصادية والسياسية لذلك الوقت، لكنه وبعد 80 عاما “بات عالم اليوم مختلفا جدا، لذا يجب أن تعبر المنظمات الدولية عن هذه الصورة، وأن تمثل كل الشعوب والقارات”. كما شدد على أن التعددية يجب أن تعاد صياغتها من القمة إلى القاع.
وتطرق غوتيريش إلى ضرورة تحويل الدفة وإعادة بناء الجسور وإصلاح العمل الجمعي على جميع الجبهات بما فيها النظام المالي الدولي والمناخ والسلم والأمن والتقنيات الجديدة.
وقال الأمين العام “هناك ضرورة ملحة لزيادة التعاون على صعيد العمل المناخي” مضيفا أنه “يتعين أن نكون أكثر طموحا على جبهتين وهما التقليل من التغير المناخي (من جهة)، وتحقيق العدالة المناخية (من جهة أخرى)”.
كما أوضح الأمين العام أن التعاون الدولي على صعيد الأمن والسلم يمر بحالة من الجمود مشيرا إلى أن الأدوات المتوافرة حاليا غير ملائمة.
وقال غوتيريش “يجب علينا أن نعيد النظر في توجهنا بشأن الأمن والسلم. ولهذا اقترح أجندة جديدة للسلم تتناول موضوع السلم بصورة متكاملة لتحديد جذور الصراع ومنع بذور الحرب من الانتشار”.
وأشار الأمين العام أيضا إلى التحدي الذي تشكله التقنيات الجديدة بما فيها الذكاء الاصطناعي ومنصات التواصل الاجتماعي قائلا “إن المعلومات المضللة والكراهية وخصوصا ضد النساء تنتشر عبر فضاء الإنترنت كالنار في الهشيم”.
وأضاف غوتيريش أن الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا لإدراكنا الجمعي للواقع ولهذا “أدعو إلى تبني الاتفاق الرقمي العالمي الذي سيجمع بين الحكومات والمنظمات الإقليمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. كما سأعين مجموعة استشارية رفيعة المستوى لشؤون الذكاء الاصطناعي”.