وطنية: تفعيل العلاقات الاقتصادية الدبلوماسية لتونس للحصول على فرص تمويلية بعيدة عن الابتزاز الذي تمارسه بعض الجهات.
أجمع النواب المتدخلون في مناقشة مشروع اتفاقية التمويل المبرمة بين الجمهورية التونسية ومجموعة من البنوك المحلية لتعبئة قرض بالعملة الصعبة بقيمة 400 مليون دينار، أن المصادقة على هذا القرض لتمويل الميزانية “شرّ لا بدّ منه خاصة في خضم الظرف الإقتصادي الدقيق والصعب الذي تعيشه تونس” معربين عن أملهم في أن يكون آخر قرض يعرض عليهم.
وشدّد النواب على ضرورة ان يتركز العمل مستقبلا على إرساء منوال تنموي جديد ينبني على الاستثمار ودفع التنمية وفسح المجال للمبادرات المجددة، مطالبين بإقرار إصلاحات جدية وخاصة في المالية العمومية، لدفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق النمو والثروة، اذ ان كلفة عدم القيام بإصلاحات ستكون كبيرة جدا ولا سيما الكلفة الاجتماعية.
وطالب النواب وزارة المالية بالكشف عن القروض التي تحصلت عليها تونس سابقا وأوجه صرفها وخطة تونس المستقبلية في المجال مؤكدين على ضرورة القطع سياسة الاقتراض التي انتهجتها الدولة إبان “عشرية الخراب” ووضع رؤية مالية سياسية تؤدي الى تخفيض التداين الداخلي والخارجي على مدى 20 سنة مع اهداف واضحة في المجال.
وقال النواب نترقب من الحكومة مستقبلا، عوض عرض قوانين المصادقة على القروض، تقديم مقترحات تشريعية مواكبة للتطورات على غرار مراجعة الصرف والنظام الجبائي في اتجاه ارساء عدالة جبائية حقيقية والتخفيف من الاجراءات الديوانية للحد من التهريب ووضع استراتيجية وطنية لدفع النمو وبناء اقتصادي وطني قوي.
ودعوا الى مراجعة النظام الاساسي الخاص بالبنك المركزي التونسي حتى تتمكن الدولة من الاقتراض منه بنسبة معقولة واجراء اصلاح بنكي عميق ودقيق ينهي دور شبكات المصالح الذاتية المهيمنة على مقدرات الشعب التونسي حاثين على اهمية الانطلاق في العمل والانتاج وفق تصورات سيادية وطنية تستجيب لتطلعات الشعب التونسي في التقدم والازدهار.
كما أوصوا بتفعيل العلاقات الاقتصادية الدبلوماسية لتونس للحصول على فرص تمويلية بعيدة عن الابتزاز الذي تمارسه بعض الجهات والشركات الكبرى.
وشددوا على ضرورة الاعداد الجيد لميزانية 2024 حتى لا تكون هي الاخرى ميزانية للتداين موصين بضرورة سعي الوزارات لتشبيك العلاقات فيما بينها لايجاد ارضية عمل مشتركة كفيلة بضمان ايجاد فرص استثمار داخلية ودولية تستفيد منها تونس.
ونادى النواب في ذات الصدد، بفتح اكتتاب بالعملة الاجنبية لفائدة المواطنين التونسيين في الخارج حتى يساهموا بدورهم في توفير موارد اضافية للدولة.
واعتبر عدد من النواب في تدخلاتهم أن البنوك غير مستفيدة من إقراض الدولة ولا سيما البنوك العمومية، فهي مؤسسات مالية تخضع للتصنيف، وهو في تراجع، ما يؤثر على الاستثمار باعتبار شح السيولة فيما راى اخرون ان البنوك انكفأت عن تمويل الاستثمار وباتت ترفض الانخراط في هذا التمشي ووجدت ان الحل الانسب هو اقراض الدولة بنسبة مرتفعة لتحقيق ربح سهل وهو ما سيؤثر على تمويل الشركات لا سيما الصغرى والمتوسطة واصحاب والمبادرات.
واقترح أحد النواب إحداث خلية دراسات وتخطيط لتقديم مشاريع تحمل تصورات تنظم القطاع البنكي حتى لا تتحمل الفئات الهشة تبعات الإقتراض الداخلي والخارجي.
وانتقد أحد النواب تخفيض تصنيف السيادي لتونس من طرف وكالة “فيتش” مقارنة على سبيل المثال بأوكرانيا اين تدور رحى حرب، لافتا الى ان ذلك يقيم الدليل على ان هذه الوكالات تسعى الى غلق باب التمويل من اطراف اخرى، غير الصندوق النقد الدولي، امام تونس وهو امر يتنزل في باب الضغوطات على تونس حتى تخضع لرغبات المجتمع الدولي والقوى العظمى في ملفات مثل الهجرة.
وثمن المتحدث تعامل تونس المشرف مع هذه الضغوطات مشددا على ضرورة استغلال الشعبية التي يتمتع بها النظام التونسي لاقرار اصلاحات باتت حتمية للخروج بتونس من هذا الوضع ودفع الاستثمار والانتاج عبر مشاريع كبيرة.
وبين عدد من المتدخلين ضرورة البحث عن مصادر تمويل للميزانية بعيدة عن الاقتراض مثل استخلاص الديون المتفحمة ومراجعة سياسة العفو الضريبي التي باتت بابا للتحيل الى جانب بقاء قطاعات كاملة غير مساهمة في تمويل الميزانية.
وقال أحد النواب ان الحكومة تبحث عن حلول مكلفة والحال انه توجد حلول قريبة صلب وزارة المالية منها ملف الاملاك المصادرة والذي سيظل “وصمة عار في جبين كل من تداوله لسوء ادارته ووجود اطراف متورطة ومتواطئة في التفريط في هذه الاملاك التي هي ملك للمجموعة الوطنية لتكون عائداتها صفر”.
واعتبر المتحدث أن ملف الأملاك المصادرة من شأنه ان يوفر موارد اضافية لخزينة الدولة، في وقت تم فيه التفريط في منقولات وقع هتكها وتخريبها بطريقة ممنهجة، قبل التفويت فيها مع خضم صمت وزارة المالية وانخراطها في هذه العملية دون محاسبة من تورط في سوء ادارة هذه الاملاك بطريقة ممنهجة ولعل اخرها قصر خليج الملائكة الذي فوت فيه في مارس 2021 بقيمة 20 مليون دينار وهو ثمن زهيد مقارنة بقيمته الحقيقية.
وقد رفعت الجلسة على تستانف اشغالها على الساعة الثانية بعد الزوال للاستماع الى بقية المداخلات.