تونس الآن
في ساعة متأخرّة من ليلة البارحة، أعلنت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية في بلاغ عن قرار رئيس الدولة قيس سعيّد إنهاء مهام رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان وتعيين رئيس جديد للحكومة خلفا لها.
وكانت بودن قبل تعيينها على رأس حكومة ما بعد 25 جويلية 2021، أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين مختصّة في علوم الجيولوجيا، وكانت تشرف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويبدو أن الملفّات الاقتصادية التي كانت تعرض عليها بعيدة عن إختصاصها ما جعلها مجرّد متابعة لها وغير قادرة على التأثير فيها وتقديم الاضافة.
كذلك، واجهت حكومة بودن عديد الصعوبات في الملف الاقتصادي أهمها عجزها على مدار سنتين عن إقناع صندوق النقد الدولي بتقديم قرض لتونس، إلى جانب عدم توفقها في التقدّم في الاصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها في علاقة بهذا القرض، وكذلك غياب بودن عن أحد أهم مشاريع الرئيس وبدائله الاقتصادية وهو الشركات الأهلية الذي لم يشهد تقدّما يذكر منذ الإعلان عنه.
وحتى مشروع الصلح الجزائي الذي كان يعوّل عليه الرئيس في تحقيق بعض العائدات المالية لتمويل الميزانية والخروج ولو نسبيا من الأزمة الاقتصادية المحيطة بالبلاد، بقي بدوره مراوحا لمكانه ولم يحقّق الهدف المرجو منه.
وإلى جانب ذلك مازالت عديد القطاعات الحيوية تعاني من تراجع الانتاج وضعف المردودية، على غرار انتاج الفسفاط وتواصل الوضعية التي تتخبط فيها شركة فسفاط قفصة، دون أن ننسى آثار الأزمة التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية والتي تضاعفت بحكم تراجع إنتاج الحبوب وزيت الزيتون هذا الموسم لتضع الحكومة أمام تحدّيات من غير الممكن أن تتجاوزها دون رجّة قوية.
ولا يفوتنا التذكير بالاحتجاجات والهزات التي عرفتها البلاد زمن بودن خاصّة منها المتعلقة بندرة وفقدان المواد الإستهلاكية الأساسية على غرار الزيت المدعم والسكر والقهوة والسميد والفارينة وغيرها، ما جعل الحكومة ورئيستها خارج هوى التونسيين.
وعلى خلاف بودن، أتى سعيّد برئيس حكومة جديد من كوادر البنك المركزي التونسي، رجل اقتصاد، قد يكون بيده تحسّس الطريق نحو إنفراج الأزمة رغم صعوبة المهمة.
وقد يكون ضبط أوتار اقتصاد البلاد هو الدافع الرئيسي لتعيين شخصية اقتصادية للاهتمام بالمسألة الاقتصادية، ليبقى السؤال مطروحا عما إذا كان من الممكن في نفس الظروف تحقيق نتائج مختلفة عمّا سبق؟
حمزة حسناوي