وطنية: الاستقرار المالي يحتاج إلى تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية واستثمار ركائز تعبئة التمويلات الذاتية.
أكد الخبير الاقتصادي، محسن حسن، أن تونس نجحت بالفعل، على عكس توقعات بعض وكالات التصنيف الدولية والأسواق، في سداد الأقساط المستوجبة من الدين الخارجي لسنة 2023 بل انها ذهبت بعيدا بتسديدها 74 بالمائة من هذه الخدمة لكن الاستقرار المالي يحتاج كذلك إلى تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية واستثمار ركائز تعبئة التمويلات الذاتية.
وتأتي قراءة حسن للمشهد الاقتصادي والمالي في تونس والذي جاء على شكل حوار أجرته معه وكالة تونس أفريقيا للأنباء “وات”، في ظل تباين الآراء بشأن وفاء تونس بالتزاماتها المالية الخارجية واستمرار الغموض بشأن الاتفاق المعلق مع صندوق النقد الدولي إلى جانب حلول مواعيد إعداد الميزانية والتي استبقها حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد بضرورة التعويل على الذات.
وأرجع حسن عدم التعثر والقدرة على السداد إلى عدة عوامل من بينها أولا تحويلات التونسيين بالخارج التي بلغت في 30 جوان 3915 مليون دينار وهو ما مكن من تغطية الدين الخارجي بشكل تام في 30 جوان 2023.
وبين أن تحويلات التونسيين بالخارج أصبحت اليوم مصدرا مهما للعملة الصعبة في تونس وذلك رغم ارتفاع كلفة التحويلات المالية من الخارج الى تونس، إذ اكدت دراسة للبنك الدولي ان معدل كلفة الرسوم البنكية الموظفة على التحويلات تمثل 7ر8 بالمائة من قيمة التحويل وهي نسبة عالية جدا اذا لم تكن الأعلى في العالم.
وشدد على أن السلطة مطالبة اليوم بالانتباه الى هذا المصدر من العملة من خلال تحديد الدولة لكلفة الرسوم البنكية والتكفل بنسبة منها وأيضا تمكين التونسيين بالخارج من فتح حسابات بالعملة الصعبة للادخار بنسبة فائدة عالية مقارنة بأوروبا علاوة على تاهيل بنك تونس الخارجي، الذي لديه رخصة للعمل في كامل الاتحاد الأوروبي، حتى يكون واسطة بين التونسيين في الخارج وتونس.
ولاحظ في السياق ذاته، أهمية اعتناء الدبلوماسية وخاصة في جانبها الاقتصادي بالجالية وتشجعهم على الادخار والاستثمار وأيضا تيسير اجراءات الاستثمار لفائدتهم.
وابرز أن السبب الثاني لعدم تعثر تونس في الإيفاء بتعهداتها يتمثل في إيرادات القطاع السياحي التي وصلت السداسي الأول الى 2220 مليون دينار بارتفاع بنسبة 4ر54 بالمائة مقابل 2022 .
ودعا، في هذا الإطار، إلى مراجعة السياسات القطاعية وسياسة المنظومات على غرار الفلاحة، وهي إصلاحات موجودة لكن لا ترتقي إلى مرتبة إصلاح هيكلي، وأيضا على مستوى، مناخ الأعمال.
ويرى الخبير الاقتصادي ان الإدارة لا تزال مكبلة لعدة أسباب منها الفصل 96 من مجلة الاستثمار، ملاحظا ان مقاومة الفساد لا يجب ان تخلق مناخا من الخوف ولابد من إجراءات جديدة حتى تقوم البنوك بدورها التقليدي في حشد الادخار وتمويل الاستثمار لخلق النمو.
واكد ضرورة تطوير بورصة الأوراق المالية في ما يتعلق بشفافية المؤسسات المدرجة والاندراجات الجديدة، وتطوير البنية التحتية لاسيما الرقمية اذ اكدت تقارير “دوينغ بيزنس” و”دافوس” ان تونس في تأخر وهنا وجب تركيز خلايا تعمل على تحسين هذا المجال.
وتحتاج تونس إلى إرساء إصلاح جبائي يقوم على تخفيض الأداءات لتشجيع الاستثمار وتوسيع القاعدة الضريبية ومقاومة التهرب الضريبي ومحاربة القطاع الموازي .