وطنية: مشروع هذا القانون، على صيغته الحاليّة، هو بمثابة "العبث القانوني" بثوابت ومكتسبات الجمهوريّة التونسيّة وبالحقوق الدّستورية,
أكّدت الهيئة الوطنيّة للمحامين “رفضها الشّديد واعتراضها التّام” على مشروع القانون الأساسي الذّي سينظّم مهنة عدول الإشهاد والمحال على أنظار لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، وشدّدت على استعدادها لخوض كافّة الأشكال النّضالية القصوى المتاحة للتّصدّي لهذا المشروع.
وقالت الهيئة في بيان اليوم الخميس إنّ مشروع هذا القانون، على صيغته الحاليّة، هو بمثابة “العبث القانوني” بثوابت ومكتسبات الجمهوريّة التونسيّة وبالحقوق الدّستورية ويمثّل خطرا على السّلم الاجتماعية، مذكّرة بأنّ هذا المشروع كان قد رفض تماما من اللّجان المحدثة صلب وزارة العدل نظرا لما جاء فيه من “مطلبيّة قطاعيّة مضرّة بمصالح المواطنين”.
واعتبرت أنّ فيه “استيلاء” على اختصاصات عديد المهن الحرّة وخاصّة المحاماة، بالإضافة إلى أنه يهدّد مكتسبات الأسرة التّونسية والمرأة، ويمثّل تهديدا للقضاء والعدالة ومساسا باختصاصاتها في إقامة العدل كاحترام المبادئ العامّة للقانون وخاصّة مبدأ المواجهة وحقّ الولوج للعدالة، حسب البيان.
وقالت إنّ هذا المشروع يمثّل كذلك تهديدا للأمن الاقتصادي إذ أنّ عديد العقود وخاصّة منها العقود الدّولية والوطنيّة والعقود الالكترونيّة فيها تخصّص يستوجب تكوينا خاصّا وتدريبا مستمرّا يؤهّل محرّريها لاحترام القانون وحماية حقوق الطّرفين، ملاحظة أنّه يسند اختصاصات لمهنة عدول الإشهاد تتعارض مع الدّستور أو مع ما ذهبت فيه الجمهوريّة التونسية منذ عقود، خاصّة منها تكريس مبدأ الرّضائية في العقود.
يذكر أنّ الناطق الرسمي باسم الهيئة الوطنية لعدول الإشهاد كمال بن منصور، نفى خلال ندوة صحفيّة في شهر جانفي الماضي، وجود معركة قطاعية بين المحاماة وعدول الإشهاد، واعتبر أن القطاعين يتكاملان في الهدف الأسمى وهو ضمان حقوق المتقاضين وتنظيم العلاقات التعاقدية في شتى النزاعات، مشيرا إلى وجود تقاطع على مستوى الاختصاص بين المهنتين، يمكن حلّه عن طريق سنّ نصوص خاصة تنظم المهن القضائية.
وبيّن أنّ تنظيم قطاع عدول الإشهاد سيمكّن من عائدات إيجابية لفائدة ميزانية الدولة وذلك من خلال وجوبية مرور كل العقود عبر القباضات المالية.
وقال بن منصور، إنه من مصلحة المجتمع توسيع اختصاصات ومجال عمل عدول الإشهاد خاصة في إبرام عقود الزواج وتنظيم مسارات الطلاق إذا كانت بالتراضي و “في ذلك تخفيف على المحاكم التي تعاني من تخمة الملفات وكثرة القضايا”، معتبرا أنّ لمهنة عدول الإشهاد خصوصية مجتمعية يجب مراعاتها في أقرب وقت بوضع قانون خاص ينظم عمل مختلف الفاعلين فيها.
يشار إلى أنّ 111 نائبا أمضوا مبادرة تشريعيّة لتنظيم مهنة عدول الإشهاد وأودعوها مكتب البرلمان بتاريخ 7 ديسمبر 2023 ، وقرّر مكتب المجلس المجتمع يوم 29 فيفري 2024 إحالة هذه المبادرة التشريعية، الواردة في 181 فصلا، إلى لجنة التشريع العام.