ها قد عاد الأوغاد مرة أخرى! جملة قيلت تحت قصف […]
ها قد عاد الأوغاد مرة أخرى! جملة قيلت تحت قصف الحلفاء لبرلين، وتسببت في خصومة بين الأخوين دايسلر. ونشأة بوما وأديداس !
الصورة أعلاه، تجمع بين مؤسسين لاثنين من عمالقة الشركات الرياضية في العالم ، على اليمين انت ترى رودولف الذي أسس شركة ” بوما ” Puma للأحذية الرياضية. وعلى اليسار ، أدولف الذي أسس شركة ” أديداس ” Adidas.
بالطبع كلا الشركتين غنيتين عن التعريف، كلاهما شركة ألمانية ضخمة تدر مليارات الدولارات سنوياً. ولكن ، الذي لا تعرف غالباً هو أن هذين الاثنين ، رودولف وأدولف ، هما في حقيقة الأمر : أخوة.
والحقيقة الأكثر دهشة، أنهما اخوة جمعتهما عداوة شديدة، عداوة استمرت لسبعين عاماً، تدهورت فيها الامور بينهما للغاية. ولكن في المقابل، استفاد العالم من هذه العداوة بينهما كانت سبباً في نشوء اثنين من كبار شركات المنتجات الرياضية في العالم.
يذكر التاريخ أن هذه الجملة ( لقد عاد الأوغاد من جديد ) كانت سبباً وراء تأسيس اثنين من اكبر الشركات الرياضية في العالم، وهي شركتي أديداس وبوما، والتي تقدر قيمة كل منهما بمليارات الدولارات.
واذا كان الأمر يبدو سخيفاً او غير منطقي، أو يبدو للوهلة الاولى يحمل مبالغة رخيصة، فإن التاريخ يؤكد بالفعل هذه الحقيقة.
فلنحكي لكم الحكاية !
تبدأ الحكاية بالهِر دايسلر ، السيد الألماني المتجهم الذي عمل في صناعة الاحذية طوال حياته في محل صغير متواضع في احدى المدن الألمانية النائية في مطلع القرن العشرين.
السيد دايسلر لديه عدة أبناء، كان الأكبر هو رادولف، وهو الذي انخرط في مساعدة والده في متجره الصغير لاصلاح الاحذية. لاحقاً، ومثل اي شيء يبدأ صغيراً، بدأ المتجر في النشاط ليتحول الى ورشة صغيرة لصناعة الأحذية بدلاً من إصلاحها. ثم تحولت الورشة الى مصنع صغير مجهز بتجهيزات بسيطة.
ثم توفي الوالد ” دايسلر ” ليخلفه في عمله في المصنع ابنيه رادولف وأدولف ، واللذان تشربا سر المهنة من أبيهما ، فأكملوا ما بدأه ، وتعاونوا على تنمية المصنع وتكبيره وتوسيعه، وهو ما حدث بسرعة ملحوظة ، تحت اسم ” مصنع الاخوين دايسلر “.
حتى جاءت أهم فرصة للأخوين المجتهدين، التي حوّلت مسارهما بشكل كبير في ادارة مصنعهما المشترك.
في العام 1936 ، وتحت حكم النازية ، شهدت ألمانيا انعقاد دورة الالعاب الاولمبية في برلين ، والتي كانت تشمل كافة الرياضات المختلفة. في ذلك الوقت، كان بعض العدّائيين يفضّلون العدو وهم حفاة، حتى لا تعطّلهم الاحذية الرياضية عن سرعة الحركة، بسبب سوء آداءها في تلك الفترة.
وجد كل من الأخوين حدث الالعاب الاولمبية باعتباره فرصة ذهبية لا تتكرر لاستهداف صناعة حذاء خفيف رياضي للغاية ، يوزّع على الرياضيين ، ويساعدهم في مسابقات الجري الحرة.
وبالفعل ، فــاز العدّاء الأمريكي ( جيسي أوبنز ) بالميدالية الذهبية ، وهو يرتدي الحذاء الذي صنّعه الأخوان فى مصنعهمـا النـاجح .. فإزداد الطلب ، وأصبــح المصنع معروفاً على نطاق واسع فى أوروبا ، تحت إسم ( مصنع الاخوان دايسلــر ) ، حتى تم بيع أكثر من 200 ألف حذاء رياضي ، فى الفترة بين 1936 و 1939 ..
الى أن جاءت اللحظة التي بدأت بذرة الخلاف تدب بين النفوس ، وتتحول الصداقة والمودة الى منافسة بين الأخوين أبناء دايسلر.
يُقال أن المشاكل بدأت تدب بين الاخوين ، حتى قرر كلاهما انهاء الشراكة بالكامل ، وتقسيم المصنع فيما بينهما ، وتعالت هذه المشاكل لدرجة الاشتباكات اللفظية والجسدية، وهو ما ساهم في إنهاء اي ابواب للمصالحة.
بدأت اجراءات تفكيك المصنع وانهاء الشراكة ، ثم حدث ما هو أسوأ ، وما لم يكن في الحُسبان في أسوأ توقيت ممكن. اندلعت الحرب العالمية الثانية في العام 1939 !
على مدار 6 سنوات، توقف مصنع الاخوين دايسلر عن العمل تقريباً ، وهو في الاصل يعاني من خلافات بين الاخوين الشريكين. ولكن لم يكن هناك أحد مهتم بالتجارة آنذاك ، وكان الكل يسعى لأن يبقى على قيد الحياة.
خصوصاً، مع انباء خسارة الجيوش الألمانية، واقتراب الحلفاء من اقتحام برلين في نهايات الحرب العالمية الثانية.
وعلى صوت الصواريخ والبنادق والقاذفات، ومع شعور الألمان ان النهاية قد اقتربت ، حدثت واحدة من أغرب قصص التاريخ في تأسيس الشركات المنافسة، عندما قرر رودولف الذي شعر بدنو الموت ، أن ينهي خلافاته مع أخيه.
انطلق رادولف وعائلته من الملجأ تحت الارض ، متجها الى الملجأ الذي عرف ان اخيه ” أدولف ” يعيش فيه ، خوفاً من قصف الحلفاء ، ليتصالح معه وليقدر لهما الموت سوياً بغض النظر عن الخلافات.
حدد رودولف الملجأ الذي يعيش فيه أخيه أدولف ، وبدأ في النزول لرؤية أخيه ربما للمرة الاخيرة ، لتسقط قنبلة قريبة من الملجأ ، فيتعالى صراخ ” أدولف ” – الذي لم يلاحظ ان رودولف أخيه يقف أمامه على الباب ” :
ها قد عاد الاوغاد مرة أخرى !
كان الذي يقصده أدولف بهذه الصرخة ، ان الحلفاء عادوا مرة أخرى بالقصف فوق رؤوسهم ، الا ان رودولف الذي كان يقف على مقربة منه ، ظن أنه يسبّه هو وأسرته ، ويقصد أنهم هم الاوغاد الذين عادوا. شعر رودولف بغض شديد ، واستدار هو وعائلته ليرحل ، لتستمر الخصومة بينهما للأبد !
بعد انتهاء الحرب العالمية، استمرت اجراءات كلا الاخوين الخصمين في انهاء شراكتهما في المصنع. ثم قرر كل منهما ، أن يفتتح مصنعه الخاص لصناعة الأحذية الرياضية ، المهنة التي ورثاها من أبيهما ، فقام ” رودولف ” بإفتتاح مصنعه الخاص للاحذية وأسماه ” رودا ” وهي الحروف الأولى من اسمه. ثم حوّل الاسم الى بوما Puma !
أما أدولف ، فقد افتتح مصنعه هو الآخر ، والذي أسمه ” أديداس ” Adidas !
وبسبب براعتهما ، كان النجاح حليف للاثنين ، بعد معرفتهما لكل تفاصيل الصناعة ، وخصوصا مع ازديدا حدة التنافس بينهما في الاستحواذ على مساحات اكبر في السوق الالماني والعالمي. وعادة ، المنافسة والكراهية تكون سبباً للإبداع والتميز والسعي وراء الاستحواذ على السوق بأي ثمن.
على مدار عقود ، تحولت اديداس وبوما الى اثنين من كبار شركات الاحذية في العالم ، وبلغت ايرادت كل منهما مليارات الدولارات سنويا، واصبح كل منهما علامة تجارية ضخمة في كافة المجالات الرياضية.
ومازال التاريخ يتذكر حتى الآن، أن هاتين الامبراطوريتين العملاقتين نشأتا بسبب خصومة وكراهية بين الأخوة ، كادت ان تنتهي تحت أحد الخنادق في الحرب العالمية ، الا ان جملة فُهمت خطأ ، تسببت في استمرار الخصومة بين الاخوين ، والتحول الى شركتين عملاقتين استمرت على مدى عقود طويلة !